حيثيات منح نجيب محفوظ جائزة نوبل للآداب عام 1988
في البيان الصحافي الصادر عن مكتب أمين السر الدائم للأكاديمية السويدية بتاريخ 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1988 معلناً منح الأكاديمية جائزة نوبل للآداب إلى الأديب المصري نجيب محفوظ، ورد ما يلي:
«بموجب قرار الأكاديمية السويدية هذا العام منحت جائزة نوبل للآداب لأول مرة إلى مواطن مصري. نجيب محفوظ المولود في القاهرة، هو أيضاً أول فائز لغته الأدبية الأم هي العربية.
لغاية اليوم واظب محفوظ على الكتابة طيلة خمسين سنة، وهو في سن السابعة والسبعين ما زال ناشطاً لا يعرف التعب.
إن إنجاز محفوظ العظيم والحاسم يكمن في إبداعه في مضمار الروايات والقصص القصيرة. ما أنتجه عنى ازدهاراً قوياً للرواية كاختصاص أدبي، كما أسهم في تطور اللغة الأدبية في الأوساط الثقافية على امتداد العالم الناطق بالعربية. بيد أن مدى إنجازه أوسع بكثير، ذلك أنه أعماله تخاطبنا جميعاً.
رواياته الأولى تركزت في البيئة الفرعونية لمصر القديمة، ولكن حتى من هذه البيئة كانت هناك لفتات إلى مجتمعنا المعاصر. وثمة سلسلة من رواياته صوّرت القاهرة المعاصرة، منها «زقاق المدق» (1947). هنا الزقاق صار مسرحاً يضم جمعاً ملؤه الواقعية النفسية العميقة التعبير. وبعد تعداد بعض أهم أعماله، ولا سيما «الثلاثية» (1956 ـ1957) و«أولاد حارتنا» (1959) و«ثرثرة فوق النيل» (1966)، وشرح مدى أهميتها وقدرة محفوظ ودقته في تصوير الناس وحياتهم ومحاوراتهم وتفاعلهم داخل مجتمعهم ومع مفاهيم مجتمعهم ومناخه الثقافي بما في ذلك الميتافيزيقيات والما ورائيات. يقول البيان:
«محفوظ كاتب قصص قصيرة ممتاز، فمع «دنيا الله» (المؤلفة عام 1962 والمترجمة عام 1973) لدينا نظرة جيدة جداً لما تمكن منه في هذه الفترة. إن المعالجة الفنية للمسائل الوجودية قوية، كما أن الحلول الأساسية غالباً ما تبدو صارخة ومثيرة.
لقد كان ثمة ميل لتقسيم أعمال محفوظ إلى عدة مراحل نوعية، على سبيل المثال، مرحلة تاريخية ومرحلة واقعية ومرحلة ميتافيزيقية ـ صوفية. بطبيعة الحال هذا الشيء لم يحصل بلا سبب. ولكن ما يجب التشديد عليه أيضاً هو عنصر تسليط الإضاءة على مشوار الحياة كله».
في البيان الصحافي الصادر عن مكتب أمين السر الدائم للأكاديمية السويدية بتاريخ 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1988 معلناً منح الأكاديمية جائزة نوبل للآداب إلى الأديب المصري نجيب محفوظ، ورد ما يلي:
«بموجب قرار الأكاديمية السويدية هذا العام منحت جائزة نوبل للآداب لأول مرة إلى مواطن مصري. نجيب محفوظ المولود في القاهرة، هو أيضاً أول فائز لغته الأدبية الأم هي العربية.
لغاية اليوم واظب محفوظ على الكتابة طيلة خمسين سنة، وهو في سن السابعة والسبعين ما زال ناشطاً لا يعرف التعب.
إن إنجاز محفوظ العظيم والحاسم يكمن في إبداعه في مضمار الروايات والقصص القصيرة. ما أنتجه عنى ازدهاراً قوياً للرواية كاختصاص أدبي، كما أسهم في تطور اللغة الأدبية في الأوساط الثقافية على امتداد العالم الناطق بالعربية. بيد أن مدى إنجازه أوسع بكثير، ذلك أنه أعماله تخاطبنا جميعاً.
رواياته الأولى تركزت في البيئة الفرعونية لمصر القديمة، ولكن حتى من هذه البيئة كانت هناك لفتات إلى مجتمعنا المعاصر. وثمة سلسلة من رواياته صوّرت القاهرة المعاصرة، منها «زقاق المدق» (1947). هنا الزقاق صار مسرحاً يضم جمعاً ملؤه الواقعية النفسية العميقة التعبير. وبعد تعداد بعض أهم أعماله، ولا سيما «الثلاثية» (1956 ـ1957) و«أولاد حارتنا» (1959) و«ثرثرة فوق النيل» (1966)، وشرح مدى أهميتها وقدرة محفوظ ودقته في تصوير الناس وحياتهم ومحاوراتهم وتفاعلهم داخل مجتمعهم ومع مفاهيم مجتمعهم ومناخه الثقافي بما في ذلك الميتافيزيقيات والما ورائيات. يقول البيان:
«محفوظ كاتب قصص قصيرة ممتاز، فمع «دنيا الله» (المؤلفة عام 1962 والمترجمة عام 1973) لدينا نظرة جيدة جداً لما تمكن منه في هذه الفترة. إن المعالجة الفنية للمسائل الوجودية قوية، كما أن الحلول الأساسية غالباً ما تبدو صارخة ومثيرة.
لقد كان ثمة ميل لتقسيم أعمال محفوظ إلى عدة مراحل نوعية، على سبيل المثال، مرحلة تاريخية ومرحلة واقعية ومرحلة ميتافيزيقية ـ صوفية. بطبيعة الحال هذا الشيء لم يحصل بلا سبب. ولكن ما يجب التشديد عليه أيضاً هو عنصر تسليط الإضاءة على مشوار الحياة كله».
من أشهر العلماء المصريين المعاصريين ... ؟
أشهرهم الدكتورفاروق الباز مدير أبحاث الفضاء في بوسطن و الدكتور أحمد زويل في الكيمياء والدكتور مجدي يعقوب في الطب وثلاثة ذكروا في موسوعة المشاهير العالمية هم الدكتور مخلص عبدالملاك في الجيولوجيا الدكتور محمود محمد بهجت في المناعة، الدكتورة وفاء حجاج في النبات
مجموعة أساتذة كليات الهندسة بكندا
د. نبيل إسماعيل عميد هندسة جامعة كونكورديا في مونتريال بمقاطعة كيبيك, ود. محمد البستاوي عميد هندسة جامعة ماكماستر, ود. عادل سدرة عميد هندسة جامعة ووترلو وكان يشغل من قبل منصب نائب رئيس جامعة تورنتو, ود. سامي محمود عميد هندسة جامعة كارلتون في أوتاوا, وستالين بقطر عميد هندسة جامعة ويستيرن أونتاريو, ود. هدي المراغي عميدة هندسة جامعة وندسور, ود. سمية ياقوت العميدة السابقة لكلية إيكول دو بولي تكتيك, ود. تيسير أبو النصر بجامعة أوتاوا وكانت عميدة لكلية الهندسة.. أما نواب رؤساء الجامعات فهم: د. ممدوح شكري نائب رئيس جامعة ماكماستر للبحوث والعلاقات الدولية, ود. علاء عبدالعزيز نائب رئيس جامعة وينيبيج للبحوث والعلاقات الدولية أيضا, ود. محمد جاد الله نائب رئيس جامعة بريتيش كولومبيا للدراسات العليا والبحوث
علماء الذرة المغدورين
الدكتور يحي المشد :: الدكتورة سميرة موسى :: الدكتور سمير نجيب :: العالم الدكتور نبيل القليني :: العالم الدكتور نبيل أحمد فليفل الدكتور مصطفى مشرفة :: الدكتور جمال حمدان :: الدكتورة سلوى حبيب :: العالم سعيد السيد بدير:: الدكتور رمال حسن رمال :: العالمة عبير أحمد عياش ::الدكتور حسن كامل صباح:: الدكتورة سامية عبد الرحيم ميمني
مجموعة أساتذة كليات الهندسة بكندا
د. نبيل إسماعيل عميد هندسة جامعة كونكورديا في مونتريال بمقاطعة كيبيك, ود. محمد البستاوي عميد هندسة جامعة ماكماستر, ود. عادل سدرة عميد هندسة جامعة ووترلو وكان يشغل من قبل منصب نائب رئيس جامعة تورنتو, ود. سامي محمود عميد هندسة جامعة كارلتون في أوتاوا, وستالين بقطر عميد هندسة جامعة ويستيرن أونتاريو, ود. هدي المراغي عميدة هندسة جامعة وندسور, ود. سمية ياقوت العميدة السابقة لكلية إيكول دو بولي تكتيك, ود. تيسير أبو النصر بجامعة أوتاوا وكانت عميدة لكلية الهندسة.. أما نواب رؤساء الجامعات فهم: د. ممدوح شكري نائب رئيس جامعة ماكماستر للبحوث والعلاقات الدولية, ود. علاء عبدالعزيز نائب رئيس جامعة وينيبيج للبحوث والعلاقات الدولية أيضا, ود. محمد جاد الله نائب رئيس جامعة بريتيش كولومبيا للدراسات العليا والبحوث
علماء الذرة المغدورين
الدكتور يحي المشد :: الدكتورة سميرة موسى :: الدكتور سمير نجيب :: العالم الدكتور نبيل القليني :: العالم الدكتور نبيل أحمد فليفل الدكتور مصطفى مشرفة :: الدكتور جمال حمدان :: الدكتورة سلوى حبيب :: العالم سعيد السيد بدير:: الدكتور رمال حسن رمال :: العالمة عبير أحمد عياش ::الدكتور حسن كامل صباح:: الدكتورة سامية عبد الرحيم ميمني
أشهر العلماء المصريين
عالم
إبن الشاطر
يعد ابن الشاطر من عباقرة علماء الفلك في تاريخ الإنسانية، اشتغل بالرياضيات ولكنه برع على نحو خاص في علم الفلك. فقد صنع آلة لضبط وقت الصلاة أسماها "البسيط"، كما قام بتصحيح نظرية بطلميوس في أن الأرض هي مركز الكون.
عالم
إبن المجدي
عاش بن المجدي في القرن التاسع الهجري ونشأ في بسطة من العيش، فجده الطيبغا العلائي كان أحد قيادات الجيش المشاهير فى زمن المماليك. وقد تلقى تعليمه على يد عدد من علماء عصره المعروفين. وتعتبر أبحاثه الفلكية ذات أهمية فائقة. وتقترب مؤلفاته من خمسين كتاباً مازال معظمها مخطوطاً بخط اليد ولم ينشر بعد.
عالم
ابن يونس الفلكي
كان ابن يونس سليل أسرة علمية شهيرة. وقد حظى ابن يونس بمكانة مرموقة لدى كل من الخليفة العزيز بالله الفاطمي وابنه الحاكم بأمر الله. وقد بنى له الحاكم مرصداً كبيراً على جبل المقطم للقيام بأبحاثه الفلكية. وقد أعطته مجهوداته الفلكية شهرته كعالم فلكي فذ على مر العصور. فقد رصد كسوفين للشمس وقام بتسجيلهما بدقة متناهية وبطريقة علمية بحتة. أشهر آثاره الزيج الحاكمي.
عالم
الكوم ريشي
ولد شهاب الدين أحمد الكوم ريشي في ثمانينات القرن الثامن الهجري بالقاهرة في إحدى ضواحيها ومتنزهاتها المشهورة "كوم الريش"، الزاوية الحمراء حالياً، وكان من رجال الفلك المشاهير بمصر في فترة القرن التاسع الهجري، وقد اشتهر في علم الفلك وبالأزياج الفلكية بصفة خاصة.
عالم
بن الهيثم
بالرغم من مولد ابن الهيثم فى البصرة، إلا أنه عاش أغلب عمره بمصر وألف أغلب كتبه فى مدينة القاهرة. ويعتبر ابن الهيثم من أعظم علماء العصور الوسطى، بل من أعظم العلماء فى تاريخ العلم على مر العصور. فقد ترك من المؤلفات ما يقرب من 160 مؤلفًا فى شتى فروع المعرفه. وتركزت إسهاماته العلميه فى علم الضوء، فقد أحدث ثورة في مسلمات هذا العلم التى كانت سائدة فى عصره، وأنشأ علم الضوء بالمعنى الحديث.
عالم
جمال الدين المارديني
يعد جمال الدين المارديني من أشهر علماء الفلك في القرن الثامن الهجري، كان حجة علماء الميقات في عصره وله فيه مؤلفات عديدة، كما كان عالماً بالحساب، وقد اشتهر فوق ذلك بحلاوة صوته.
عالم
داوود بن أبي البيان
داوود بن أبي البيان، مصري يهودي، كان طبيب وصيدلي، ولد بالقاهرة وقد برز في وصف وتركيب الدواء حتى أصبح صيدلي الملك العادل الأيوبي. ويعتبر مؤلفه "الدستور البيمارستاني" أو دستور المستشفيات بمصر، و"دستور الأدوية المركبة" والذي عرف باسم "كتاب الأقرباذين" من أهم المؤلفات في تاريخ الصيدلة في العصور الوسطى.
عالم
سبط المارديني
يعتبر محمد الدمشقي الشافعي، من علماء الفلك والرياضيات الذين اشتهروا بمصر خلال القرن التاسع الهجري، عرف بسبط الماردينى. ويبدو أن الرجل تأثر بوظيفته كموقت بجامع الأزهر في مؤلفاته الكثيرة في علم الفلك وعلم الآلات الفلكية وعلم الحساب.
عالم
شهاب الدين القليوبي
عاش شهاب الدين القليوبي في القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي، وينتمي إلى هؤلاء العلماء المعروفين بثقافتهم الموسوعية في موضوعات علمية متنوعة. كان عالماً فلكياً له عدة مؤلفات في الفلك، بالإضافة لذلك كان خبيراً في الطب له فيه عدة مؤلفات.
عالم
عبدالعزيز الوفائي
عاش الوفائي في القرن التاسع الهجري، وكان يشغل وظيفة موقت بجامع المؤيد شيخ بالقرب من باب زويلة، وقد اشتهر كعالم فلكي حيث اخترع آلة فلكية تعرف بدائرة المعدل.
عالم
علي بن رضوان
ينتمي علي بن رضوان لأصول شعبية، فقد ولد من أب بضواحي الجيزة كان يعمل فراناً. وقد درس الطب في سن مبكرة وهو دون الخامسة عشرة ومارسه، كما مارس التنجيم من أجل لقمة عيشه لاستكمال دراسة الطب والفلسفة. وقد عاصر بن الهيثم العالم الشهير وكانت بينهما مراسلات علمية. وقد دخل في خدمة الخليفة الحاكم بأمر الله وترأس أطباء مصر في تلك الفترة.
عالم
كمال الدين الدميري
ينسب الدميري إلى بلدة دميره بالوجه البحري بمصر. وقد ولد بالقاهرة، وكان خياطاً حتى اجتذبه العلم إليه، فدرس بالجامع الأزهر على يد مجموعة من كبار علماء عصره، حتى تحول لإلقاء الدروس والخطبة في جامع الظاهر بيبرس. ورغم تعدد مؤلفات الدميري في الحديث والفقه، إلا أن كتاب "حياة الحيوان" هو الأشهر بين مؤلفاته، إذ يعد أول مرجع شامل في علم الحيوان باللغة العربية..
نجيب محفوظ وجائزة نوبل
إنه أول أديب عربي يمنح جائزة نوبل للآداب في عام 1988 , وبهذه المناسبة الهامة سنمر مروراً سريعاً على بعض الانطباعات والكلمات التي أثارها بعض الكتاب العرب في هذا المجال,
حيث أردنا اعطاء فكرة موجزة جداً عن أدب وانتاج نجيب محفوظ , فنبدأ باجتزاء بعض المقاطع التي كتبها الدكتور »سليمان الشطي «في مجلة العربي الكويتية في العدد 362 - كانون الثاني 1989:
(( في البدء يحسن أن نستعيد سؤالاً قديماً تفصلنا عنه سبعة وأربعون عاماً ففي آب سنة 1939 نشرت المجلة الجديدة دراسة كان عنوانها " جائزة نوبل العالمية , وهل تنالها مصر يوماً ?"في العدد التالي مباشرة ايلول من السنة نفسها خصصت المجلة عدداً خاصاً لنشر رواية نجيب محفوظ الأولى "عبث الأقدار ", فهل كانت مصادفة قدرية...?
من المؤكد أن تلك المجلة لم تكن تبعثر أمامها الرمال باحثة عن الحظ , ولكنها خطت أولى خطوات الوصول الى الجائزة باحتضانها هذا الكاتب المبدع المتميز الذي كان وقتها أحد كتابها شبة الدائمين ,وها نحن بعد هذه السنوات ,وقبل أن تكتمل دائرة نصف القرن نشهد كاتبنا يسجل اسمه بين الرواد الذين حفروا مجدهم بأيديهم , وأهم من هذا كله فقد ظفرت المكتبة العربية بأضخم انتاج روائي أهداه أديبنا لها ,ولعل السؤال القديم وجد جوابه أخيراً )).
والآن, فإن اجتياز الباب الأول للدخول في عالم نجيب محفوظ, يمكن أن يبدأ من القمة السامقة التي تواجه فضاء المعرفة , حيث الرؤية أشمل وأعظم , لتأتي من تلك المقومات, التي رأت فيها لجنة جائزة نوبل مدخلاً لتقول كلمتها وهي تعلن اسمه على دنيا البشر : "لقد رأت فيه مطوراً للغة في الأدب والثقافة العربية "وأضافت مستدركة: "إن أعماله تتحدث الى العالم كله , أما أدبه فمنذ المرحلة التاريخية هذه وهو يومئ الى المجتمع الحديث, فكانت رواياته مصورة للبيئة الشعبية, فزقاق المدق مسرح يجمع حشداً متبايناً من الشخوص أما " الثلاثية" فقد تناولت أحوال وتقلبات أسرة مصرية , جامعة بين العناصر الذاتية وارتباط تصوير الأشخاص بالظروف والفكرة الاجتماعية والسياسية , بينما قدمت" ثرثرة فوق النيل" محاورات ميتافيزيقية على حافة الحقيقة والوهم , ويأخذ النص شكل تعليق على المناخ الفكري في البلاد ".
ويشيد البيان بالكاتب الذي نقل عنه : ( إن الكتابة حياته , وعند التوقف عنها يكون الرحيل عن هذه الحياة أمنية له).
نجيب محفوظ والرواية العربية :
هذا ولقد حملت هذه الرحلة معها أموراً , وقدمت نقلة نوعية ضخمة في مسار الرواية العربية , فقد أسهم في إعطائها مكانة متميزة وأدخلها في صلب التيار الأدبي العربي المعترف به, فانتقلت من كونها نشاطاً هامشياً في حياة الأديب , لتصبح محوراً لحياة الأديب كاملة, فلقد كتب فن القصة قبله ومعه أدباء كبار , يأتي في مقدمتهم محمد حسين هيكل صاحب رواية /زينب/ وكذلك طه حسين , وتوفيق الحكيم والعقاد..ولكن مجد هؤلاء وأسس تفكيرهم لم يكن يشغله تأصيل هذا الفن فهمومهم تتنازعها مجالات أخرى.
فوحده نجيب محفوظ الذي نقل الهم الروائي من الهامش ليجعله محوراً لحياته كلها , ولم يكن اختياراً عشوائياً , ولكنه اختيار عقلاني , فقد كان وقتئذ يكتب بعض الدراسات , بل يستعد لتقديم رسالة الماجستير في الفلسفة وفي لحظة صفاء وحسم , ألقى كل هذاجانباً وملك شجاعة تحدي الحيرة , وتلك المفاضلة هي التي حددت سلوكه وطريقة تعامله مع الحياة من حوله , ولم يكن مغامراً أو متحدياً يقف على أرض العناد , ولكنه الوعي الذي أكده بتلك الحياة المنظمة التي ميزته ومكنت أصابعه من أن تخط هذا العطاء العظيم , ليس هذا فقط فلقد تضافرت عوامل كثيرة لتجعل منه المعبر الدقيق عن وجدان هذه الأمة في نصف قرن, لقد رصد وعايش وشكل تصوره إزاء التغيرات السياسية والأزمات الفكرية والقضايا الاجتماعية, لقد كان مؤرخاً من نوع خاص ولو استطاع أحد أن يكون صورة واضحة وحية عن هذه المرحلة ,واستعرض لهذه الغاية كل الصحف والمجلات وعاد الى السجلات المدونة, لو فعل كل هذا لما خرج بفكرة دقيقة لنبض الحياة المتكاملة التي قدمته أعمال نجيب محفوظ , وقد أحسن تجسيد التاريخ ومزجه بشيء من ذاته ,وراقب ما حوله بهدوء وتؤدة, وكانت هذه المراقبة الفاحصة واقعية متفاعلة ومستحضرة معها تجارب كثيرة مختزنة , كما استطاع أن ينتقل في مراحل تطوره من حلم التاريخ حتى وصل الى روح جزئيات الواقع واصلاً معها الى مرحلة التأمل , كما صور البيئة ووعى قضاياها وتمثل نماذجها البشرية بعد مشاركة صحيحة, وتمكن بدقته وحساسيته أن يصل الى نقل النكهة الخاصة التي تميز تلك البيئة ونحن عندما نطلق عبارة عبق التاريخ على مجمل أعمال نجيب محفوظ فإن هذا التعبير يصدق على أدبه الذي إذا ما أقبلنا عليه شعرنا أن هذا الأديب قد راقب الطبقة الوسطى مراقبة فاحصة ناقدة, إذ توغل في قضاياها ورصد مراحلها وحدد وصلاتها وتطلعاتها وأزماتها وسقوطها , فربطها بالحارة التي راح يتحدث عنها , فأدخلنا أزقتها وجعلنا نصافح شخصياتها ونطرب لتعبيراتها ونستطعم فكاهتها ونشاركها همومها, كما أن نجيب محفوظ يقدم لنا فكراً مستشرفاً يرتفع ويوحد جزئيات المعالجة واصلاً بها الى كلية الفكرة.
لاشك أنها كانت رحلة مضنية ومتعددة في مساربها , يصعب أن نحصرها في حيز ضيق من الحديث , ولكن ثمة وجهين يطلان علينا بوضوح يمكن أن يكونا بداية للمجتهد الذي يريد أن يصل الى الخطوط الأولى ....
لقد ذكرت جريدة (المساء) في 21/10/1962 بأن نجيب محفوظ مهتم بمؤلفاته بالمواطن المحلي والانساني معاً و تشغله القيم الاجتماعية , وثمة نزوع نحو الميتافيزيقية ومحاولة التوفيق بين المعنى المطلق والقيم الاجتماعية .
وإذا كانت القضية الاجتماعية هي الأبرز والأوضح في الشطر الكبير من مسيرته الفنية والتي ظلت راسخة باقية فيما تلاها , فإن الوجه الآخر والمتعلق بالقضية الميتافيزيقية كان موجوداً , متوارياً قليلاً ولكنه غير متلاش, ويطل برأسه حتى وهو غارق في خضم الواقع .
الوجه الثاني للرحلة : ثمة تقسيمات معروفة حددها الدارسون لأدب نجيب محفوظ فميزوا بين محطات ذات خطوط واضحة وقد جرت العادة على هذا, وليس من حاجة لنقضها مادام الحديث ينزع نحو التعريف ورسم الاطار الأولي .
وهذ التقسيمات كانت تلاحظ أنه بدأ كتابته الروائية من استيحاء التاريخ فكانت رواياته : (عبث الاقدار -رادوبيس - كفاح طيبة) تستحضر التاريخ القديم لتأكيد الشعور الوطني داعية للحرص على الروح العامة , وهذا المنزع لافت للنظر في الرواية الثالثة " كفاح طيبة والتي ركزت على فكرة تحرير الأرض ,وهو الهم السياسي الأول في تلك الفترة - أواخر الثلاثينيات وكان له صداه الاجتماعي والنفسي , فنجد في هذه الرواية إشارات واضحة تبدو أمامنا ماثلة عندما نسمع خطاب الغزاة وهم يعرضون شروط الاستسلام على المصريين حينذاك...
وينتقل نجيب محفوظ من الجو التاريخي الى الواقع في صورته المباشرة وتبدأ مرحلة الواقعية موضوعاً وإطاراً, فكانت أولى رواياته في هذه المرحلة ( القاهرة الجديدة) 1945 تقدم المقابل الحديث للعالم القديم , فالتسمية ليست فقط عنواناً لهذه الرواية وحدها فهي دالة على المرحلة الجديدة فالمدينة الكبيرة كانت ميداناً لرواياته الأخريات, ( خان الخليلي - زقاق المدق- بداية ونهاية) ويكتمل العقد بالعمل الضخم ( الثلاثية) التي كانت خاتمة هذا الخط, والتي هي (السكرية - بين القصرين- قصر الشوق).
ملامح من شخصية نجيب محفوظ المبدعة
من بين كل الممالك تبقى مملكة الأديب - أي أديب - كياناً قائماً بذاته , له شخصيته المستقلة وبصماته الخاصة, انتاجاً وعطاءً وصدى , كما تبقى ابداعاته عالماً فريداً يضع تحت عباءته أنواعا من التحليلات وكثيراً من النقد والاكتشاف كي يبقى هذا العمل الابداعي أو ذاك مجالاً رحباً ممتداً وحقلاً خصباً لتتناوله بالإضاءة والسبر, مختلف الأقلام على مرّ السنين , الأهم من كل ذلك هو أنه سيترتب على أدبنا العربي بمساحته الواسعةأن تعاد قراءة روايات نجيب محفوظ والايغال في أعماقها سواء من القراء أو من النقاد أو من المبدعين وذلك من أجل الكشف عن مزيد من العوالم والرؤى والأمداء التي كانت ولاتزال خافية علينا ...
ومن هنا أرى أن نستعرض بعض ما سطره ( الدكتور عبد الحميد سليمان ) عن شخصية نجيب محفوظ من وجهة نظر نفسية في مجلة العربي أيضاً العدد 366 أيار 1989 فيقول : (( لعل مقولة / الأسلوب هو الرجل ذاته / تجد صدقها الحقيقي في شخص نجيب محفوظ, والأسلوب الجيد في رأي / بوفون/ صاحب المقولة هذه يتطلب خاصيتين رئيسيتين هما : الوحدة والخطة المحكمة , فالأسلوب ليس هو إلا النظام والحركة, لكي يضع الأدب فكره في إطارهما بشكل متزن وهادئ ,فالروح الانسانية لاتستطيع أن تخلق شيئاً من الفراغ , كما أنها لن تستطيع الانتاج إلا بعد أن تكون قد أخصبتها التجربة والتأمل , ويقول بوفون / : لكي يكتب المرء جيداً , ينبغي أولاً أن يهيمين على موضوعه , كما ينبغي أن يفكر بالقدر الذي يسمح له أن يرى بوضوح نظام أفكاره المنصبة على هذا الموضوع , وأن يصوغ هذا النظام في قالب متتابع وسلسلة متوالية تحمل كل حلقة منها فكرة محددة .
لذلك كان الأثر الذي أبدعه هذا الأديب الفذ هو الذي سيبقى للأجيال القادمة.
وهكذا كان نجيب محفوظ من الذين ينطبق عليه كلام / بوفون/ هذا , فقد عرف كيف يستقي معلوماته من البيئة المتعلقة بإبداعه الروائي بكل هدوء وتأمل وتريث وانتظار, ذلك أنه أيضاً قد أدرك بحسه الواعي وبسجيته الأدبية الفطرية , أهمية كل هذه الأمور للعطاء الأدبي المميز...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق