Social Icons

الجمعة، 9 يونيو 2017

قصة بهلول المجنون والجنيد البغدادي

كان الجنيد البغدادي من اشهر علماء مدينة بغداد، وعرف عنه العلم والثقافة والفضل العظيم، فسمع ذات يوم حديثاً عن رجل يدعي بهلول يقوم بالعديد من التصرفات العجيبة، فسأل الجنيد : من بهلول هذا ؟ فقال له تلاميذه : بهلول هو رجل مجنون، وليس له مكان معروف، فطلب الجنيد من تلاميذه أن يحضروا له بهلول هذا لأنه يريد رؤيته، فذهب التلاميذ يبحثون عن بهلول حتي وجدوه وقالوا لنا : إن شيخنا الجنيد يطلب رؤيتك، فتعال معنا، فرد بهلول في غرور : إن كان لشيخكم معي حاجه فليأت هو إلي . عندما سمع التلاميذ حديث بهلول ، رجعوا إلي الجنيد يحكوا له ما حدث، فقال لهم : إن الحق معه، وذهب بنفسه إلي رؤية بهلول، دخل عليه فألقي السلام وجلس وبعد المقدمات، قال له بهلول : من أنت ؟ فقال الجنيد : أنا جنيد البغدادي وعملي هو تربية وهداية البشر، ابتسم بهلول في سخرية قائلاً : إن كنت كما تدعي فهل تعلم ما هي آداب الطعام، فقال الجنيد بكل ثقة : نعم أعرف بالطبع، وقال : أبدأ بذكر الله، آكل من أمامي، التقم الطعام قليلاً قليلاً وهكذا، فنهض بهلول من مكانه في غضب قائلاً : كيف تهدي الناس يا شيخ وأنت لا تعرف حتي آداب الطعام ! فقال التلاميذ علي الفور : يا شيخنا هذا الرجل مجنون، ولكن الجنيد كان يصر علي ان بهلول ليس مجنون، فسار الجنيد ينادي بهلول قائلاً له إن لي معك حاجة، فقال بهلول : إن كنت لا تعلم آداب الطعام، فهل تعلم آداب الكلام، فقال الجنيد : نعم وهي ألا أتكلم أبداً إلا بمقدار ولا اقول شططا وهكذا، من جديد ذهب بهلول في غضب فناداه الجنيد مرة أخرى، فقال له بهلول : ظهر لي انك لا تعلم شيئاً عن آداب الطعام ولا آداب الكلام فماذا تريد مني ؟ صاح التلاميذ قائلين لإستاذهم الجنيد : يا شيخنا بهلول مجنون فما تنتظر منه ؟ دعه وشأنه، ولكن الجنيد لم يستمع إليهم وذهب ينادي علي بهلول من جديد، فحاول بهلول الابتعاد عنه كثيراً، والجنيد مصر علي الحديث معه قائلاً : إن لي معك حاجة، فصاح بهلول في غضب : ليس لمن لا يعرف آداب طعامه ولا كلامه معي من حاجة. فقال الجنيد : أنا اعلم شيئاً كثيراً وأهدي الناس وأرشدهم إلي الحق، فقال بهلول : هل تعلم شيئاً عن آداب النوم ؟ فقال الجنيد : نعم، بعد أن اتم صلاتي المغرب والعشاء والدعاء ولبس ثوب النوم وهكذا، فعاد بهلول يقول من جديد : حتي آداب النوم لا تعرفها، فقال الجنيد وقد نفذ صبره : أنا الجنيد البغدادي، علمني ما تعلم لما فيه رضا الله عز وجل، هنا قال بهلول : كل ما ذكرت من آداب الطعام فهو فرع، وأما الأصل في آداب الطعام هو ان يكون طعامك من حلال فإن لقمة الحرام لا ينفع معها مئات ما ذكرت من الآداب، وهي تسود القلب، أما آداب الكلام فهي من طهارة القلب وصفاء النية وأن يكون كلامك طلباً لرضا الله عز وجل وليس لمخلوق سواه، وان تتجنب لغو الحديث فإنه يجر إلي الثبور والويلات يوم القيامة، ولا ينفع معه شئ مما ذكرت من آداب الكلام، وأخيراً آداب النوم التي ذكرتها كلها فرع، والأصل فيها هو أن تفرغ قلبك من حب الدنيا ومن الحقد والعداء والحسد للمسلمين وان تلهج بذكر الله عز وجل حتي تنام عيناك .. كان الجنيد العالم يجلس أمام بهلول الذي اتهمه الجميع بالجنون، وكأنه تلميذ يتعلم من علمه، وعندما انتهي بهلول من كلامه انحني الجنيد علي يدى بهلول وقبلهما تقديراً له وقال أمام تلاميذه : لقد علمتني الحق يا بهلول وأرجو الله أن يجزيك عني خيراً يوم الجزاء .

الأربعاء، 31 مايو 2017

قصة السر الأعظم

فى يوم من الأيام قرر أب أن يسافر إلى أحد البلاد البعيدة سعياً وراء الرزق الحلال وترك وراءه زوجته وأولاده الثلاثة، كان أولاده يكنون له الكثير من الحب والإحترام والمودة وكان يصعب عليهم كثيراً فراقه ولذلك طلبوا من والدهم أن يرسل لهم يومياً رسالة لكي يظلوا دوماً علي تواصل، وبالفعل بعد أن سافر الأب بعدة أيام بدأ الأب فى إرسال أول رسالة لزوجته وأبناءه، فرح الأبناء كثيراً برسالة والدهم وأخذوا يقبلونها وفى داخلهم شوق عظيم إلى والدهم، ولكن لم يحاول أي منهم فتح الرسالة وقراءتها، لكنهم فقط إكتفوا بتقبيلها ووضعها فى صندوق رائع والإحتفاظ بها فى مكتبة المنزل الكبيرة، وكان الأبناء كل يوم ينظرون إليها ويمسحون التراب من عليها ويعيدونها فى مكانها من جديد دون قراءتها ، وهم يرددون أن أبوهم هو أغلي وأجمل أب فى الوجود . وهكذا تعامل الأبناء مع كافة رسائل الأب الأخري التى أرسلها لهم علي مدار سنوات عديدة، يقبلون الرسائل ويحتفظون بها فى صندوق غالي ويكتفون بتنظيفها ومسح التراب من عليها بشكل يومي دون محاولة قراءتها أو التعرف علي ما بداخلها، مضت السنوات وعاد الأب من السفر ليجد أسرته لم يتبقي منها سوي إبناً واحداً فقط، إندهش الأب من حال الأسرة وسأل ابنه: أين أمك ؟

 فقال الأبن : لقد أصابها مرض خطير ولم يكن لدينا ما يكفي من المال للإنفاق علي علاجها فظلت تعاني من المرض حتى توفاها الله عز وجل، تعجب الأب من كلام الأبن وسأله لماذا لم تعطوها من المال الكثير الذي قمت بإرساله لكم فى أول رسالة ؟ ردد الإبن : لم نراه ولم نفتح الرسالة . سأله الأب : أين أخوك ؟ رد الإبن : لقد تعرف علي بعض رفاق السوء ولم يجد من ينصحه خاصة بعد وفاة أمي فذهب معه ولم يعد من يومها، إندهش الأب قائلا : لماذا فعل هذا وأنا قد نصحته كثيراً أن يبتعد عن رفاق السوء فى رسائلي، ألم تقرأوا الرسائل أبداً، رد الإبن فى خجل : لا، حزن الرجل كثيراً وقال : لا حول ولا قوة إلا بالله، وأين أختك ؟ رد الإبن : لقد تزوجت ذلك الشاب الذى حدثتك عنه من قبل وهي الآن تعاني معه مرارة العيش وفى أشد التعاسة، إنفجر الأب صارخاً وقال : ولماذا تزوجته ؟ ألم تقرأ هي الأخري رسالتى التى نصحتها فيها بألا تتزوج هذا الشاب وأن تنتظر من يخاف الله عز وجل وترضي دينه وخلقه ؟ نظر الإبن إلى الأرض فى خجل وقال : لم نقرأ الرسائل يا أبي بل قمنا بوضعها فى هذا الصندوق، كنا دوماً نقبلها ونمجدها ولكننا لم نحاول أبداً قراءتها ومعرفة محتواها . إنظر لحال تلك الأسرة وما حدث لها وكيف تشتت شملها، كل هذا بسبب أنها لم تكلف نفسها يوماً أن تحاول قراءة رسائل والدها ومعرفة فحواها، إنما إكتفت فقط بتمجيدها ووضعها فى صندوق غالي وتنظيفها من التراب يومياً . كم منا تعامل مع رسائل الله عز وجل مثلما تعامل الأبناء مع رسائل والدهم، ولله المثل الأعلي، نحن ننظر كل يوم إلى المصاحف، نكتفي بتمجيدها وتقبيلها ووضعها فى علبة غالية ونمسح من عليها التراب كل يوم، ولكن من منا يحاول قراءتها وتدبرها والعمل بها ؟! 

 قال رسول الله صلي الله علية وسلم :” إن قومي إتخذوا هذا القرآن مهجوراً ” .. عسي تكون هذه القصة النقطة الفاصلة فى حياتنا والتي نبدأ من بعدها فى تدبر معاني القرآن الكريم العظيمة والعمل بها والمواظبة علي قراءته يومياً .

الاثنين، 29 مايو 2017

قصة ((المسجد المهجور))

يحكي انه كان هناك شابًا ركب مع خاله السيارة مسافراً من مكة بعد أداء صلاة الجمعة، وفي طريقهما ظهر لهما مسجد مهجور كان قد رآه مسبقاً في طريق قدومه إلي مكة، وعندما مر هذا الشاب بجانب المسجد استطاع رؤية سيارة فورد زرقاء اللون تقف بجانبه مباشرة، تعجب الشاب وفكر ما الذي أوقف هذه السيارة في هذا المكان، فخفف من سرعته وركن سيارته ناحية المسجد وخاله يسأله في ذهول : ما الأمر ؟ لماذا توقفت ؟ تجاهل الشاب سؤال خاله وأشار له بيده أن يتبعه في صمت، دخلا معاً إلي المسجد وإذا بصوت عالي يرتل القرآن بشكل رائع، ويقرأ سورة الرحمن، فأراد الشاب أن ينتظر بالخارج ويستمتع بهذة القراءة الرائعة ولكن الفضول قد جعله يدخل إلي المسجد المهجور المدهوم أكثر من ثلثه والذي حتي الطير لا تمر به . دخل الشاب مع خاله المسجد وإذا بهما يريا شاب قد وضع سجادة الصلاة علي الأرض وفي يده مصحفاً صغيراً يقرأ منه ولم يكن هناك أحد آخر في المسجد غيره، اقترب الشاب منه وألقي عليه السلام، في البداية فزع الشاب قارئ القرآن منهما مستغرباً حضورهما إلي المسجد، ثم قال وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، سأله : هل صليت العصر ؟ أجاب الشاب : لا لقد دخلت وقت صلاة العصر وهيا نصلي معاً، هم الشاب بإقامة الصلاة فوجده ينظر إلي ناحية القبلة ويبتسم، لمن ولماذا ؟ لا أحد يدري . وهنا سمع الشاب قارئ القرآن يقول جملة أفقدته هو وخاله الصواب تماماً، ولم يجدا لها أى تفسير، حيث نظر الشاب من جديد ناحية القبلة وهو يقول : أبشر، وصلاة جماعة أيضاً ! نظر الشاب إلي خاله متعجباً، ولكنه حاول أن يتجاهل الأمر وكبر للصلاة وعقلة لا يزال مشغول بهذه الجملة .. من يكلم هذا الشاب وليس هناك أى أحد غيرهم في المسجد، المسجد فارغاً مهجوراً تماماً، هل هو مجنون ؟ وإذا كان مجنون كيف يقرأ القرآن بهذة الروعة ؟ بعد الصلاة أدار الشاب وجهه فرآه لا يزال مستغرباً في التسبيح ؟ سأله في فضول واضح : كيف حالك يا أخي، فأجاب الآخر في بساطة : بخير والحمد لله، فقال الشاب مبتسماً : سامحك الله فقد شغلت عقلي عن الصلاة ؟ فقال الآخر : لماذا ؟ أجابه الشاب : لأنني عند إقامة الصلاة سمعتك تقول : أبشر وصلاة جماعة أيضاً، فانشغل عقلي بهذه الجملة ولا أعرف مع من كنت تتحدث والمسجد مهجور وفارغ ولا يوجد سوانا ؟ ابتسم الشاب ثم نظر إلي الأرض مفكراً ثم قال : كنت أكلم المسجد ! ازدادت دهشة الشاب وهو يكرر وراءه : تكلم المسجد ؟ كيف ؟ وهل رد عليك المسجد ؟ ضحك الشاب قائلاً : كيف يرد هل الحجارة تتكلم ؟ فقال : إذا كيف تكلمه وهو من الحجارة ؟ أجاب الشاب في بساطة دون أن يرفع عينيه عن الأرض : أنا احب المساجد كثيراً وكلما وجدت مسجد قديم أو مهجور أحب أن أذكر الله فيه، أحس إنه مشتاق للتسبيح والتهليل والتكبير، وأحس أن المسجد يشعر أنه غريب بين المساجد، يتمني ركعة واحدة، سجدة، آية واحدة تحيية ليطمئن . وأحب أن ادعو قبل أن يخرج من هذا المسجد قائلاً : اللهم إن كنت تعلم أني آنست وحشة هذا المسجد بذكرك العظيم وقرآنك الكريم لوجهك يا رحيم . فآنس وحشة أبي وامي في قبورهم وأنت أرحم الراحمين ” .. حينها بكي الشاب بكاء طفل صغير وأصابته القشعريرة من شدة إيمان وتقوي هذا الغريب الذي ظنه مجنوناً في البداية أي فتى هذا ؟ وأي بر بالوالدين هذا ؟ هل سأل أحدنا نفسه يوما ..ماذا بعد الموت؟ نعم ماذا بعد الموت؟.

الأحد، 28 مايو 2017

حديث شريف فيه دروس وعبر: (أصحاب الغار الثلاثة والصخرة)

ولكن قبل أن أقوم بعرض الحديث أود أن أطرح عدة أسئلة هامة قد أستدعاها عقلى وتفكيرى : ماذا لو أصبحت أنت الرابع ماذا كنت ستفعل فى تلك اللحظة ؟ هل أعددت من الأعمال الصالحة وحسن الظن بالله ما يجعل الله يفرج عنك ما أنت فيه من كرب وشدة ويفتح لك كل المغاليق؟ هل أخلصت وصدقت مع الله حتى تلقى لديه عواقب حميدة؟ هل فعلت المعروف والله تعالى فى ناظرك وخاطرك أولا؟ هل رجعت إلى الحق وتركت المعصية بعد القدرة إليها خوفًا وخشية من الله؟ هل عرفت ربك فى الرخاء كى يعرفك فى الشدة؟ أود من قارىء هذا الموضوع أن يفكر جيدًا فى تلك الأسئلة ولو للحظة ماذا أعددت لتلك اللحظة ؟ **************************************************************************************** قال الإمام البخاري : حدثنا إسماعيل بن خليل أخبرنا علي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه ، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار ، فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم . فقال رجل منهم : اللَّهم كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالاً ( أي : لا أقدم في الشرب قبلهما أحداً ) ، فنأى بي طلب الشجر يوماً فلم أرح عليهما حتى ناما ، فجلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين ، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلاً أو مالاً فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي ( أي يصيحون من الجوع ) ، فاستيقظا فشربا غبوقهما . اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة ، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج منه . فقال الآخر : اللَّهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إليَّ ، وفي رواية : كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء ، فأردتها على نفسها فامتنعت ، حتى ألمت بها سنة من السنين فجائتني فاعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت ، حتى أذا قدرت عليها وفي رواية فلما قعدت بين رجليها قالت : اتق الله ولا تفضن الخاتم إلا بحقه ، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليَّ وتركت الذهب الذي أعطيتها . اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج . وقال الثالث : اللَّهم إني استأجرت أُجراء وأعطيتهم أجرهم ، غير رجل واحد ، ترك الذي له وذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال ، فجاءني بعد حين فقال : يا عبدَ الله أدِّ إليّ أجري ، فقلت : كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق فقال : يا عبدَ الله لا تستهـزئ بي ! فقلت : لا أستهزئ بك ، فأخذه كله فاستقاه فلم يترك منه شيئاً . اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون » . صحيح البخاري (10/415) ، صحيح مسلم (4/1982) **************************************************************************************** دروس و عظات: عباد الله : تأملوا هذه القصة العظيمة .. هؤلاء الثلاثة عرفوا الله في الرخاء فعرفهم الله في الشدة .. وهكذا كل من تعرف إلى الله في حال الرخاء واليسر ، فإن الله تعالى يعرفه في حال الشدة والضيق والكرب فيلطف به ويعينه وييسر له أموره . قال الله تعالى : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } الطلاق، و قوله تعالى:{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)}الطلاق .

قصة وعبرة( أبو بكر المسكي)

ذكر ابن الجوزي في المواعظ: أن شاباً فقيراً كان بائعاً يتجول في الطرقات فمر ذات يوما ببيت فأطلت امرأة وسألته عن بضاعته فاخبرها فطلبت منه أن يدخل لترى البضاعة فلما دخل أغلقت الباب ثم دعته إلى الفاحشة فصاح بها . فقالت والله إن لم تفعل ما أريده منك صرخت فيحضر الناس فأقول هذا الشاب اقتحم علي داري فما ينتظرك بعدها إلا القتل أو السجن فخوفها من الله فلم تزجر . فلما رأى ذلك قال لها أريد الخلاء فلما دخل الخلاء اقبل على الصندوق الذي يجمع فيه الغائط وجعل يأخذ منه ويلقى على ثيابه ويديه وجسده ثم خرج إليها . فلما رأته صاحت وألقت عليه بضاعته وطردته من البيت فمضى يمشي في الطريق والصبيان يصيحون وراءه مجنون.. مجنون حتى وصل بيته فأزال عنه النجاسة واغتسل ...... قيل لابى بكر المسكى : انا نشم منك رائحة المسك مع الدوام فما سببه؟ فقال: والله لى سنين عديدة لم استعمل المسك ولكن سبب ذلك ان امرأة احتالت على حتى ادخلتنى دارها واغلقت دونى الابواب وراودتنى عن نفسى(اى:ارادت فعل الفاحشة معى) . فتحيرت فى امرى فضاقت بى الحيل فقلت لها: ان لى حاجة الى الطهارة فأمرت جارية لها ان تمضى بى الى بيت الراحة(الحمام) ففعلت فلما دخلت الحمام اخذت الغائط والقيته على جميع جسمى ثم رجعت اليها وانا على تلك الحالة فلما رأتنى دهشت ثم امرت بأخراجى فمضيت واغتسلت فلما كان تلك الليلة رأيت فى المنام قائلا يقول لى:فعلت ما لم يفعلهاحد غيرك لاطيبن ريحك فى الدنيا والاخرة فأصبحت والمسك يفوح منى واستمر ذلك الى الان.. فلم يزل يشم منه رائحة المسك حتى مات ..فأين هذه العفة من فتيات وفتيان يبيعون عرضهم من اجل مكالمة هاتفيه أو هدية شيطانيه. من ترك شيئا لله عوضه خير منه وجنة عرضها السماوات والأرض .

الجمعة، 26 مايو 2017

قصة وعبرة (الصياد واللؤلؤة )

كان هناك صياداً مثابراً مجداً يذهب يوميا فيصطاد ما يسر الله له ، ثم يعود إلى البيت ويأكل وزوجته السمك الذي اصطاده ، وفي إحدى الأيام كانت زوجته تنظف إحدى الأسماك التي اصطادها ففوجئت بوجود لؤلؤة رائعة بداخلها فذهبت وهي في منتهى السعادة لزوجها وزفت له هذا الخبر الرائع وقد قام فرحاً بهذا الخبر وحمل اللؤلؤة وقال لها اليوم سأبيع اللؤلؤة ونشتري بثمنها طعاماً غير السمك وذهب إلى بائع للذهب في المنطقة فقال له بائع الذهب إن اللؤلؤة التي بيدك لا تقدر بثمن إنني لو بعت محلي هذا وبيتي وكل ما أملك لن أستطيع أن أعطيك أجرها اذهب إلى أكبر بائعي الذهب في المدينة المجاورة قد يستطيع أن يشتريها منك وبالفعل ذهب إلى المدينة المجاورة إلى أكبر بائعي الذهب فصدم ذلك البائع وقال له ما قاله بائع الذهب في مدينته أن جوهرته التي يقتنيها أغلى من محل الذهب خاصته كاملاً ثم قال له سوف أدلك على شخص واحد يستطيع أن يشتريها منك اذهب إلى الوالي فذهب إلى الوالي فقال له الوالي إن جوهرتك هذه أبحث عن مثلها منذ سنين سوف أدخلك إلى خزينتي الخاصة ولتأخذ منها ما شأت سأعطيك ست ساعات لتجمع أكبر قدر من الذهب لقاء جوهرتك هذه. فقال له الرجل: يا سيدي،ساعتين تكفيان لإنجاز المهمة فقال له لا بل سأعطيك ستة فدخل هذا الصياد إلى الخزينة فوجد فيها ثلاثة غرفة الأولى تحتوي ما لذ وطاب من الطعام والثانية تحتوي على فراش طري وفير والثالثة فيها الجواهر والذهب فقال في نفسه سوف آكل الطعام وأتزود بالطاقة منذ زمن كبير وأنا اشتهيه وبالفعل ظل يأكل الطعام أكثر من ساعة وهو يتنقل بين الموائد اللذيذة وبعد أن أكل قدراً كبيراً من الطعام شعر بالتعب ووجد في الغرفة الثانية الفراش الطري فقال في نفسه تبقى الكثير من الوقت سوف أنام وأتزود بالطاقة ثم أستيقظ وأجمع الجواهر وغط في نوم عميق لم يستفق منه إلا على صوت الحراس يقولون له قم أيها الأحمق فقد انتهى وقتك فبدأ يتوسل لهم أن يمهلوه لدقائق ليجمع قليلا من الجواهر فقالوا له أمهلناك ست ساعات وكنت قادراً على جمع الكثير من الجواهر والأكل والنوم في الخارج ولكنك أردت متعة اللحظة وغفلت أنه كان بإمكانك أن تؤمن كل حياتك وطردوه إلى خارج القصر. **************************************************************************************** لقد انتهت القصة ولكن العبرة لم تنته فالجوهرة يا سادة هي روحنا التي أودعنا الله إياها والفراش الوفير : هي الغفلة والطعام والشراب : هما الشهوات والآن أخي الفاضل إما أن تستيقظ من غفلتك وتجمع الجواهر التي أوجدها الله للتزود بها لنيل الجنة وإما تظل تأكل وتنام إلى أن يأتي اليوم الذي تندم فيه على غفلتك .

الأحد، 12 مارس 2017

[الصًّلاةُ سرُّ النًّجاحِ ]

قد يطول عجبك وأنت تتأمل فى حال كثير من المسلمين اليوم كيف يوجد فيهم الضعف ،ويقصف بهم الكثير من المشاكل وعندهم هذه الصلاة ،وكيف تضعف أمة عندها هذا الكنز العظيم والسلاح المتين؟ حيث ترى فى المجتمع المفارقات العجيبة والوقائع الغريبة من أناس يترددون على المساجد صباح مساء ،ونساء يحافظن على الصلوات الخمس . لاشك أن هناك خللاً واضحًا وسر فى هذا الفك بين السبب والنتيجة . والجواب: إن صلاة كثير منا ليس لها من اسمها نصيب بل كيس هواجس فارغ من أى ذكر لله تعالى ، حركات وقراءات فرغت من معانيها ،قراءة بغير قلب ،بل ترى فى صفوف المصلين من لا يقرأ البتة من دخوله الصلاة حتى خروجه منها ، وللأسف صارت الصلاة عند كثير من المصلين عادة لا فقه لمعانيها ولا حتى لتحقيق مقاصدها ،والخطير فى الأمر أن الصلاة هى أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فإن صلحت صلح سائر عمله ،وإن ردت رد سائر عمله. تعالوا لنجعل صلاتنا عبادة كما أرادها الله لنحصل على كل أسباب الفوز فى الدنيا والأخرة. وأنهى ذلك ببعض الأبيات من قصيدة (أنتم فروضى ونفلى) للشاعر ابن الفارض: أنتم فروضي ونفلي أنتم حديثي وشغلي ** يا قبلتي في صلاتي إذا وقفت أصلي ** جمالكم نصب عيني إليه وجهت كلي ** وسركم في ضميري والقلب طور التجلي

الأربعاء، 8 مارس 2017

[[الفارس وصاحب الغنم]]

قصة رائعة جدا تبين لك أن عقلك قاصر عن إدراك حكمة الله في مقاديره.. ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

 شعر الفارس بالعطش الشديد فعمد بفرسه إلى بئر ماء قريب فشرب منه وسقى فرسه ثم مضى في طريقه فسقط منه كيس نقوده قرب البئر وأكمل سيره دون أن ينتبه .!بعد برهة من الزمن .. وصل إلى البئر راعي غنم ، فرأى كيس النقود فألتقطه وتلفت حوله فلم يجد أحداً فسقى أغنامه وذهب بعد لحظات .. جاء رجل عجوز فشرب من البئر ثم جلس يستريح في ظل شجرة عاد الفارس .. ليبحث عن كيس النقود الذي سقط منه فلم يجده ووجد الرجل جالسا فسأله عن الكيس ؟ أجاب الرجل : أنه لم يراه !! قال الفارس : لايوجد أحدا في المكان غيرك .!! بل أنت من أخذته . واحتدم الخلاف بينهما حتى ضرب الفارس الرجل بسيفه فقتله ..!! وكان ذلك في زمن نبي الله موسى عليه السلام فقال موسى عليه السلام : يارب ؟ قتل الرجل ظلما والفارس سرقت نقوده ولم يعثر على السارق والراعي سرق ولم يعاقب فأين العدل ..يارب !!! قال الله عزوجل : هذا هو العدل ياموسى . قال موسى يارب وكيف ذلك ؟ قال الله عز وجل :ذلك الراعي عمل فترة من الزمن عند الفارس فماطله بدفع أجرته فكان ذلك المبلغ هو أجرة الراعي على عمله.. أما الرجل الذي قتل فقد تشاجر في شبابه مع أبو ذلك الفارس فقتله فكان قتل الفارس لذلك العجوز قصاصا.. قال الشيخ الحويني معلقا : فلولا أن الله عز وجل أوحي بهذا فتوجد حلقات مفقودة نحن لا نعرفها ، فلابد أن تسلم لله عز وجل فيما قضي. 

وصدق إبراهيم الحربي رحمه الله لما قال : [ من لم يؤمن بالقدر لم يتهنى بعيشه ] يظل طوال عمره في نكد لماذا هذا أغني مني ؟ لا يوجد جواب ، لماذا هذا قوي وأنا ضعيف ؟ لا يوجد جواب ، لماذا يتحكم هذا في ويحكمني ؟ لا يوجد جواب ، لماذا هذا صحيح وأنا مريض ؟ لا يوجد جواب ، في الأخر سيصاب بضغط الدم أو تصلب شرايين و في الآخر يتهم ربه أن ربنا عز وجل ليس حكمًا عدلاً وطبعًا هذا فيه من الكفران ما لا يخفي على أدنى إنسان له شيء من الفهم . كل ذلك في علم الله وهو العادل المتصرف في ملكوته بينما في أحكامنا المحدودة نراها ظلماً وذلك لقصور عقولنا.

فسلم لربك تبارك وتعالي إنه العليم الحكيم " فسبحان من دانت لعظمته السموات والأرض !!

الاثنين، 27 فبراير 2017

قصة جحا والفضولي

يحكى أن جحا كان يدعو الله فجر كل يوم وهو جالس في صحن داره اللهم ارزقني مائة دينار وان كانت 99 دينارا لن اقبلها وكان جاره من التجار الأثرياء يسمع فجر كل يوم جحا وهو يردد هذا الدعاء الغريب فاراد ان يختبر جحا انه لو أرسل اليه 99 دينار هل يقبلها ام يردها وفجر ذات يوم عندما كان جحا يردد الدعاء الغريب تسلق جاره السور وألقى أمام جحا صرة بها 99 دينار فأخذها جحا وعد الدنانير وحملها إلى داخل بيته مسرورا في اليوم التالي جاء جاره وطلب منه صرة المال التي بها 99 دينارا وقال له أردت اختبارك فوجدتك تأخذ المال مسرورا ولم تأبه الى ان صرة المال ناقصة دينارا أنكر جحا تما انه اخذ صرة من المال 

فقال جاره إذن نذهب معا إلى القاضي في المدنية ليحكم بيننا 

فقال جحا : كيف اذهب وأنت تراني رث الثياب ولايوجد لي عمامة ادخل بها على القاضي ولا ملابس لائقة ولا حمارا فهل اذهب ماشيا وأنت تركب فرسا ؟

فقال جاره سأعطيك ما طلبت وعندما نعود تردها لي ذهبا الى القاضي وروى جاره حكايته 

فقال جحا للقاضي :"سيدي إن جاري يكذب فلم يرسل لي صرة من المال وجاري به علة ان رأى أي شيء عندي يتخيل انه ملكه لم يتبق الا ان يقول ان عمامتي له . فقال جاره : نعم هي لي .

 فقال جحا ولم يتبق سوى ان يقول ان ملابسي له وحماري ملكه . فقال جاره : نعم ان ملابسه لي وحماره لي.

 فقال القاضي لجار جحا :انك كاذب وتدعى على جحا زورا عاد الرجلان الى القرية وعندما وصلا الى منزلهما وقف جحا وقال لجاره : خذ صرة أموالك غير منقوصة وهذه عمامتك وملابسك وحمارك ولكن عليك أن تعلم أن امرا بيني وبين ربي لا تتدخل فيه بعد الآن!! 

 والعِبرة لمن اعتبر لكل الفضوليين ومن هم على شاكلتهم...

السبت، 18 فبراير 2017

[احفظ الله يحفظك]

قصة الصحابي الجليل "عاصم بن ثابت" كان "عاصم بن ثابت" مؤمنًا عميق الإيمان صادقا وكان يبغض الشرك وأهله أشد مايكون البغض وأبلغه حتى أنه نذر إلى الله أن لايمس مشركًا ولا يمسه مشرك .. وكان من الرماة المشهود لهم بإجادة الرمي وقد كان يوم أحد يرمي المشركين فلا تخيب له رمية ،فرمى يوم أحد بسهم فأصاب من المشركين شابا يقال له -"مسافع بن طلحة" فهرع مسافع الى أمه والدم يتدفق منه فوضعته أمه "سلافة بنت سعد "على فخذها وهو يجود بأنفاسه وسألته : يابني... من أصابك ؟؟ قال أصابني رجل وقال : خذها وأنا أبن أبي الأقلح. امتلأ قلب سلافة حقدا وفاض .. فقالت : علي أن أمكنني الله من عاصم بن أبي الأقلح أن أشرب في قحف رأسه الخمر. ولم يمض على يوم أحد سوى عام أو دونه حتى أتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رهط من عضل والقارة، فقالوا : يارسول الله ان فينا اسلاما فأبعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوننا في الدين ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الأسلام. فبعث معهم رسول الله ستة نفر وفيهم عاصم بن ثابت فانطلقوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق بين عسفان ومكة نزولا ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فتبعوهم في قريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم، حتى لحقوا بهم فلما وصلوا الى ماء لهذيل يقال له الرجيع غدر بهم القوم وأحاطوا بهم وسيوفهم مشرعة فأسرع المسلمون الستة الى سيوفهم فاستلوها فقال لهم الغادرون : إنّا لانريد قتلكم ولكنّا نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكة ولكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا ألا نقتل منكم رجلاً‏.‏ فقال عاصم بن ثابت‏:‏ أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم فأخبر عنا رسولك. فأبى عاصم وثلاثة اخرون الأستسلام فقاتلوا حتى أستشهدوا . وتذكر عاصم نذر سلافة الذي نذرته وجرد سيفه وهو يقول: "اللهم إني احمي لدينك وادفع عنه فاحمي لحمي وعظمي لا تظفر بهما أحدًا من أعدائك، اللهم إني حميت دينك أول النهار فاحمي جسدي آخره" فقال‏:‏ فقاتلوهم فرموهم حتى قتلوا عاصمًا في سبعة نفر وأراد الغادرون أن يأخذوا رأس عاصم ليبيعوه من سلافة بنت سعد لعلمهم بما نذرت عند مقتل ولدها يوم أحد فلما أقتربوا منه أرسل الله جيشًا من النحل فأخذت تدور حول رأسه فقال القوم : دعوه حتى يمسي وتذهب الدَّبر عنه أى (النحل)، فلما أمسى القوم أرسل الله مطرًا غزيرًا أسال الوادي بالماء فاحتمل جثة عاصم فلما أصبحوا لم يجدوا لها أثرا. وعندما بلغ المسلمين في المدينة أن النحل منعت عاصما قال عمر بن الخطاب :((يحفظ الله العبد المؤمن ، كان عاصم نذر أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركًا أبدًا في حياته فمنعه الله بعد وفاته كما امتنع في حياته)) وقال الحافظ بن حجر: "إنما استجاب الله له في حماية لحمه من المشركين ولم يمنعهم من قتله، لما أراد من إكرامه بالشهادة، ومن كرامته حمايته من هتك حرمته بقطع لحمه. **************************************************************************************** فتوكل على الله: { فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [يوسف:64]*************************** فالزم يديك بحبل الله معتصمًا ** فإنه الركن إن خانتك أركان.

الاثنين، 13 فبراير 2017

السارق الحقيقى

ليس الذي يسرق الأموال والأشياء المادية فحسب ، بل هو السارق لأعظم منها، فلفظ السارق بمفهومه الأعم الأشمل هو من يسرق سنوات حياته ويضيعها فيما لا يفيد ويلهث وراء لاشىء ، من يسرق بنظره ما ليس له وينقم على الغير ولا يعرف أنه بفعله ناقم على المنعم ، من يسرق مجهود غيره ويتسلق على شقاء وتعب الآخرين ،هو المفرط فى حقوق نفسه عليه بأن ينتشلها مما هى فيه إلى عالم أوسع وأرحب ، هو أيضا الذى يكتم الحق والحقيقة ويخفيها عن الأخرين لغرض فى نفسه، هو الذى يفتى الغير بدون علم لتضليلهم ، ومن يسرق البراءة من رحم الطفولة فسرقة الوجود هي اعظم سرقة والطفولة أعظم وجود يمكنه ان يبقى على الوجوه التي سرقها الفقر ،ومن يسرق البسمة والفرحة من وجوه الناس، ومن يسرق الأمل فى تخليه عن الذين علقوا مصائرهم بيده، ومن يخدع الناس ويستمرأ بأفعاله المناقضة لأقواله ، و هو أيضا من يسرق أفكارك وأبحاثك ومؤلفاتك ،ومن يحرم من له لإشباع نزواته ، هو المهمل فى إثراء نفسه ونقائها ، والمقصر فى اداء واجبه تجاه من يعول ، ومن يسرق أقوات المساكين وينزع اللقمة من فم جائع ، ومن يبدل جوهر الأشياء إلى غير حقيقتها ،ومن يحرمك الكرامة والحياة الكريمة ،ومن يسرق أحلام الناس وطموحاتهم الحياتية والمعيشية ،ومن يبخس الناس أشياءهم ولا يعطيهم حقوقهم، هوايضاالمعطل لنفسه عن أسمى معانى الحياة النبيلة ، ومن يحرم نفسه كل سبل الخير والهداية بطول الأمل ، ومن يؤخر حياته المستقبلية عن كل أسباب النعيم المقيم، إنه أيضا السارق لصلاته حين ينقرها نقرا ، لا يتم ركوعها ولا سجودها ، وفي الحديث الصحيح " أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته ، قيل : يا رسول الله كيف يسرق صلاته ؟ قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها " وفي الصحيح " إن الرجل ليصلي ستين سنة وما تقبل له صلاة ، لعله يتم الركوع ولا يتم السجود ، ويتم السجود ولا يتم الركوع "

 كل هؤلاء هم السارقون الحقيقيون الأشد خطراً علينا وعلى مجتمعاتنا .

الأربعاء، 8 فبراير 2017

أنا والأيام

يبدو أننى والأيام نتلاقى مجددا هى أثرت فى مظهرى أسلوبى هيئتى، تلك الأيام غيرت من طبعى لكنها لم تغير فىَّ ذلك الطفل الذى ما زال يتذكر زكريات الطفولة لحظة بلحظة وكأنى كنت أخطوها بالأمس ، شعرت حينها بلحظات من السعادة كما شعرت بتلك اللحظات التى يملؤها اليأس والحيرة ،فهمت فى هذا السن معنى الموت وهو أول شعور يدب فى داخلى عندما شاهدت نعش ملقى عليه أحد الشبان وكنت ذاهب إلى مدرستى شعرت هذا الشعور الفقدان شعور الوحدة والفراق المحتوم الذى لا مفر منه هو آت آت ، قلت: لابد أنه سيذهب إلى مكان أجمل يهنأ فيه بالحياة، مكان يشعر فيه بالطمأنينة، مكان مفعم بالحب والأمل حيث الراحة الأبدية،أحلامى كانت بسيطة هى اللعب مع أصدقائى فى الشارع وزملائى فى المدرسة ،ما كانت الأيام ذات مغزى أو معنى بالنسبة لى لكنها كانت أمتع اللحظات التى عايشتها ، وها أنا ذا اليوم أخطو خطواتى بحذر نحو مصيرى ومستقبلى حياتى التى أريد أن أرسم ملامحها فى عقلى ، أشكل معالمها فى وجدانى أحدد فيها من أنا وعلى ماذا سأكون ؟

الثلاثاء، 7 فبراير 2017

كيف قتل ابن المقفع ؟

عبد الله ابن المقفع هو مفكر من بلاد الفارس، اسمه الأصلي: روزبه بن دادوبيه، ولد في قرية (جور) في بلاد فارس عام 106هـ / 724م من أبوان مجوسيان، ولما اعتنق الاسلام سمى نفسه عبد الله ابن المقفع، وتكنى بأبي محمد، وقتل عن عمر شاباً يناهز الخامسة والثلاثين. من أقوال ابن المقفع: لقد عُرف عنه الكثير من الأخلاق الحسنة، فهو القائل: "عود نفسك الصبر على من خالفك من ذوي النصيحة" وهو القائل:"إذا نابت أخاكَ إحدى النوائبِ من زوالِ نعمةٍ أو نزولِ بليةٍ، فاعلم أنكَ قد ابتليتَ معهُ: إما بالمؤاساةِ فتشاركهُ في البليةِ، وإما بالخذلانِ فتحتملُ العارَ" وهو كاتب كتاب كليلة ودمنة الذي يحتوي الكثير من الحكمة على لسان الحيوان، وله الكثير من الأقوال التي تدل على حسن خلقه، وسعة فكره، ودينه، ومع ذلك فقد كان لقصة موته بعض التناقض مع هذه الحقائق، ورغم أن هناك بعض الاختلافات التاريخية في سبب موته إلا أن قصة الموت واحدة. موت ابن المقفع: إنّ الرأي الأرجح في سبب موته هو مشاكله السياسية والتي بدأت بسبب تدخله بالحكم العباسي الذي كان في بداية نشأته، حيث بعث برسالة إلى الخليفة أبو جعفر المنصور يعرض عليه فيها رأيه بأسلوب الحكم، ويخبره بفساد مناصب كبيرة في نظام الحكم كافة. ولعل أبرز من كان يقصد بالفساد والي البصرة سفيان بن يزيد، والذي ذي كان على خلاف شديد مع ابن المقفع، حتى تبادلا الكثير من عبارات الشتم وقيل أن ابن المقفع سب أم يزيد مرة فقال له:"يا ابن المغتلمة" ويقصد بذلك المرأة الفاجرة.وهي كلمة زادت الغيظ والغضب في صدر سفيان، وقال رداً على كلامه: "سأقتلك قتلة لم يُقتل بها أحد قبل ولن يُقتل به أحد بعد"ولا ندري بحق أيهما كلفه حياته رسالته إلى المنصور أم كلمته بأم سفيان، أم ما اتهم به من الزندقة والارتداد عن دينه، لكن الشيء الأكيد أن سفيان زاد حقده عليه وبني هذا الحقد على دعم ومؤازرة من الخليفة نفسه مما شجع سفيان على قتل ابن المقفع منفذاً تهديده بقتلة شنيعة لم يرى مثلها قط، حيث قطع أجزاءه وهو حي وألقاه قطعة قطعة في النار أمام عينيه حتى مات من شدة التعذيب. ومن الروايات ما يقول أن ابن المقفع كان قوياً وصبر على التعذيب وقال لسفيان أثناء احتضاره: إذا مــــات مثلي مـــات بموتــــه خـــــــلق كثير،وأنت تموت ليس يدري بموتك كبير ولا صغير ومع أنّ حقيقة موته تبقى غامضة إلا أنّه لا بد من الإشارة بقول حق أنّ من يقرأ كتاباته ينتبه إلى أنّ قائل هذه الحكم لا يمكن له أن يكون زنديق أو طائش يسب ويلعن دون فكر، والله أعلم بالحقيقة.

الجمعة، 3 فبراير 2017

[ صفات الملحدين ]


قال ابن القيم في إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان : فصل ( في ذكر تلاعبه بالدهرية ) 2/252 و هؤلاء قوم عطلوا المصنوعات عن صانعها ... و قالوا ما حكاه الله عنهم ( و قالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت و نحيا و ما يهلكنا إلا الدهر ) وقال :...... و فرقة قالت ( إن الأشياء ليس لها أول ألبته .... و العالم دائم لم يزل و لا يزال ، و لا يجوز أن يكون المبدع يفعل فعلا يضمحل إلا هو يضمحل مع فعله ، و هذا العالم هو الممسك لهذه الأجزاء التي فيه ) فالأمر قديم ، و الإلحاد ثابت قبل القرآن .. و لفظ الكافرين في القرآن يشمل هؤلاء الملاحدة.. **************************************************************************************** صفات الملحدين في القرآن : * عاجزون عن إدراك الحق لأن الله طمس قدرتهم على الإدراك ( إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ، ختم الله على قلوبهم و على سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ) البقرة7 * ملعونون من الله والملائكة والناس أجمعين ( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) البقرة 161 * محبون الدنيا و يسخرون من المؤمنين ( كما تفعل تلك العناصر الملحدة الجديدة ) ( زُين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا ) البقرة 212 * أغبياء و ليس لديهم القدرة على الفهم ( …. الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون ) 65 الأنفال * محرومون من هداية الله ( ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله و الله لا يهدي القوم الفاسقين ) التوبة 80 * كل أعمالهم الحسنة و الأخلاقية لا وزن لها فهي كالرماد ( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتد به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ ، ذلك هو الضلال البعيد ) إبراهيم 18 * مصادقون للشياطين ( ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ) مريم 83 * أنجاس ( إنما المشركون نجس ) التوبة 28 * يخوضون في القرآن بالسخرية و الاستهزاء و اللغو ( و قال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) فصلت 26 * يريدون أن يطفئوا نور الله ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم و الله متم نوره ولو كره الكافرون ) الصف8 * جهلة ( قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون )الزمر 64 * مجرمون ( وما أضلنا إلا المجرمون ) الشعراء 99 **************************************************************************************** كيف يتعامل المسلم معهم * الإعراض عنهم و عدم مناقشتهم ( و إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه و قالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ) القصص 55 * عدم مودتهم أو مصادقتهم ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله و لو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ) المجادلة 22 * التبرؤ منهم و بغضهم ( إنا برءاؤُ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة و البغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده ) الممتحنة 4 **************************************************************************************** هذه الآيات لم ترد فى الملاحدة بل فى الكفرة والمشركين أما الملاحدة فلم يكن لهم وجود يذكر،والإلحاد بدعة ظهرت بعد أن وصلت الأخلاق لدى بعض المجتمعات إلى الحضيض ولم يكن متصورا أن يوجد شخص ينكر وجود خالق للكون (( أفى الله شك فاطرالسموات والأرض )).

الثلاثاء، 31 يناير 2017

( المكوس المحرمة)


الكبيرة الثلاثون بعد المائة : جباية المكوس المكس لغة : النقص والظلم، المَكْس هو الضريبة التي تفرض على الناس ، ويُسمى آخذها (ماكس) أو (مكَّاس) أو (عَشَّار) لأنه كان يأخذ عشر أموال الناس . حكمها: لا يجوز أخذ مال امرئ معصوم إلا بطيب نفس منه ، وقد دلت النصوص على تحريم المَكْس ، والتشديد فيه ، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في المرأة الغامدية التي زنت فرجمت : ( لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ ) رواه مسلم (1695) . قال النووي رحمه الله : ” فيه أن المَكْس من أقبح المعاصي والذنوب الموبقات ، وذلك لكثرة مطالبات الناس له وظلاماتهم عنده ، وتكرر ذلك منه ، وانتهاكه للناس وأخذ أموالهم بغير حقها ، وصرفها في غير وجهها ” اهـ . وروى أحمد (17333) وأبو داود (2937) عن عقبة بن عامر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ ) . **************************************************************************************** **وقد ذكر العلماء للمكس عدة صور : 1- الضرائب على الشعب بلا وجه حق أو خدمة ،والضَّرائب الَّتي تؤخذ من التُّجَّار أو من عامَّة النَّاس بغير حقٍّ. 2- أجرة الساحات والطرق العامة المباحة. 3- حكر بيع السلع للتجار. 4-ما كان يفعله أهل الجاهلية ، وهي دراهم كانت تؤخذ من البائع في الأسواق . 5-الدراهم التى كان يأخذها عامل الزكاة لنفسه ، بعد أن يأخذ الزكاة . 6- دراهم كانت تؤخذ من التجار إذا مروا ، وكانوا يقدرونها على الأحمال أو الرؤوس ونحو ذلك ، وهذا أقرب ما يكون شبهاً بالجمارك . 7-وأما من كان لا يقطع الطريق , ولكنه يأخذ خَفَارة ( أي : يأخذ مالاً مقابل الحماية ) أو ضريبة من أبناء السبيل على الرؤوس والدواب والأحمال ونحو ذلك , فهذا مَكَّاس , عليه عقوبة المكاسين. 8- أتاوة الكفيل هو المبلغ الذي يطلبه الكفيل لكي يعطي المكفول تنازل ونقل كفالة او خروج نهائي. 9- الجمارك الزائدة عن الخدمات أو حاجة الدولة يعتبر من المكوس. 10- إنشاء مواقع إجبارية للحافلات على أرض شاغرة ملكٍ للدولة، من غير ترخيص، يؤدي فيها الحراسة وتنظيم دخول وخروج الحافلات بمقابل مالي مفروض. 11- ما يُؤخذ عنوةً بغير وجه حقٍّ ، كما هو عليه الحال في نظام الجمارك المعمول به في الغرب و الدوَل التي تجاريه في قوانينها و أنظمتها ، فهو من المكوس المحرّمة . 12- ما يأخذه الولاة باسم العشر، ويتأوَّلون فيه معنى الزَّكاة والصَّدقات. 13-الرّشوة الَّتي تُؤخذ في الحكم والشَّهادات والشَّفاعات وغيرها باسم الهديَّة. **************************************************************************************** ( الكبيرة الثلاثون بعد المائة : جباية المكوس , والدخول في شيء من توابعها كالكتابة عليها ، لا بقصد حفظ حقوق الناس إلى أن ترد إليهم إن تيسر. وهو داخل في قوله تعالى : ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى/42 . وقوله تعالى: «وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ»[البقرة: 188] وقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» [النساء: 29] والمكاس بسائر أنواعه : من جابي المكس ، وكاتبه ، وشاهده ، ووازنه ، وكائله ، وغيرهم من أكبر أعوان الظلمة ، بل هم من الظلمة أنفسهم , فإنهم يأخذون ما لا يستحقونه ، ويدفعونه لمن لا يستحقه , ولهذا لا يدخل صاحب مكس الجنة ، لأن لحمه ينبت من حرام . وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "كل شيء يؤخذ بلا حق فهو من الضرائب ، وهو محرم ، ولا يحل للإنسان أن يأخذ مال أخيه بغير حق ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة ، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً ، بم تأكل مال أخيك بغير حق ؟

السبت، 21 يناير 2017

«المرحلة الملكية»

مع تصرُّم السنين وتوالى الأعوام سيصل بعض البشر لمرحلة من النضج تدعى (المرحلة الملكية) وكلمة (الملكية) ترمز إلى أمرين جميلين أولها: فخامة وروعة المرحلة، والأمر الثاني: يعني أن حياتك ستكون ملكاً لك وستهنأ فيها بممتلكات واسعة من الفرح وراحة البال! هي (مرحلة) يمتلك فيها الإنسانُ حياته، (مرحلة) تتسع فيها المدارك وتبعد فيها النظرة ويتسع فيها الصدر، (مرحلة) تتشكّل بعد جملة من الخبرات وسلسلة من التجارب وكمٍ من المواقف يتعامل صاحبها معها بعقل واعٍ وفكر يقظ فيتعلم منها أشياء جميلة وإن أتت متأخرة! ولكن أن تصل متأخراً خير لك من أن لا تصل! * في (المرحلة الملكية), لن تتورط في (جدالات) تافهة ولن تستدرج لمعارك صغيرة، ولن تبذل جهداً على ما لا يستحق من مواضيع، ولو وجدت نفسك قابعاً في مستنقع جدل سقيم ستلتزم الصمت ولن تصرف دقيقة في إقناع من لا يريد أن يفهم! أو في محاولات تعديل مساره! ولسان حالك يقول: لن أضيع وقتي عليك، ذاك اختيارك وأنت المسؤول! * في (المرحلة الملكية) لن تعطي توافه الأمور أكثر من قدرها؛ لن يزعجك صوت طفل ولن يقض مضجعك سكب العصير على السجاد، ولن يكدر مزاجك زحام الشوارع، ولن تحرق أعصابك كلمة نابية من سقيم، ستعرف حينها أن كل الأمور توافه ولا شيء يستحق الاهتمام سوى طاعة الله! * في (المرحلة الملكية) لن تؤجر عقلك لأحد ولن تجعل من حولك يفكر عنك، أحكامك على الآخرين أنت من يقررها وفي تلك المرحلة ستصدر أحكاماً منصفة عادلة لا عجلة ولا اندفاع! * في (المرحلة الملكية) عندما تُبتلى بكاذب؛ فلن تتحرك فيك شعرة ولن تنبس ببنت شفة ولن تحشد الأدلة والقرائن لإثبات كذبه، بل ستقول: كذبه عليه ووقتي أثمن من معالجة أمر لا يقدم ولا يؤخر! * في (المرحلة الملكية) ستدرك أن الهداية بيد رب العالمين وأنك لا تهدي من أحببت؛ فالبعض قدره أن يكون جاهلاً والبعض قدره أن يكون عالة على الآخرين، والبعض قدره أن يغرق في مستنقع الغواية ولو صببت المواعظ عليه صباً، ستدرك حينها أن الجهد عليك والتوفيق بيد رب العالمين! * في المرحلة (الملكية) لن تهدر ما تبقى من عمرك في البحث عن «الأحسن» والأروع والأجمل لأنك أدركت أنك عندها ستتجمد عند موقف الانتظار (اللا نهائي)! بل ستقبل في المرحلة (الملكية) بـ «الحسن» و»المقبول» و»الجميل» لكي تجد نفسك بعد حين في موضع أفضل قليلاً أو كثيراً، مما كان عليه. * في (المرحلة الملكية) ستدرك أنك المسؤول تماماً عن صحتك وعن كل شؤون حياتك، وستعرف حينها أنه لن يحمل أحد عنك هماً ولن يقاسمك شخص سهراً ولن يتبرع أحد بأخذ المرض عنك! لذا لن تكون حلقة أضعف بين شريك الحياة والولد، في (المرحلة الملكية) لن تعمل بنظام الشمعة المحترقة ولن تجعل نفسك شخصاً من الدرجة الثانية، بل ستعتني بنفسك وتدللها وتقدمها دون أنانية أو هضم حقوق من حولك. * في (المرحلة الملكية) ستدرك كم هي كريمة الحياة، فقط تحتاج أن تكون طاهر القلب مبادراً متحركاً متوكلاً على الله وبعدها ستنهال عليك الهبات من كل مكان! * ستدرك في (المرحلة الملكية) أن خيارك الوحيد أن تكون محباً، محباً لربك، لذاتك، للخير، محباً للبشرية فمن يزرع الحب يجني الحياة! * في (المرحلة الملكية) لن تبخس نفسك حقها، ستلوي زمامها دون اضطهاد أو تحقير، وستعرف حينها أن السعادة والنجاح يعتمدان على مناقشة النفس وتقويمها دون تسلط وتصغير! فنفسك جديرة بالحب والتقدير. * في (المرحلة الملكية) ستدرك أن الحال لا يدوم، وأن الألم يزول والوجع ينتهي والظلم يرفع، ستدرك في تلك المرحلة أنه لا ثمة مواقف ولا مشاهد ولا نكبات في الحياة ميؤوس منها؛ فالحالات التي لا يُرجى الخلاص منها عدم الانفكاك من تبعاتها نادرة جداً! * في (المرحلة الملكية) لن تتبع أخبار الناس ولن تتقصى أحوالهم؛ لا يهمك إن كانوا سافروا أو لم يسافروا, ماذا أكلوا وما هي سيارتهم؟ أين يسكنون؟ أمور لا تقدم ولا تؤخر! * في (المرحلة الملكية) لن تهتم إلا بنفسك ولن يشغلك إلا إصلاحها! وفي هذه المرحلة الجميلة (المرحلة الملكية) لن تقارن نفسك بأحد بل ستعيش حياتك كما كتب الله لك، لا مدً للعين ولا استنقاصاً من نعم الله, بل آخذاً لما وهبك الله وشاكرا له عليها! وفي المرحلة الملكية ستدرك أن حياتك رهن تفكيرك؛ فالتغيير منوط بتغير طريقة التفكير وليس بتغيير بيئة أو بامتلاك مال أو بترقية في وظيفة! * في (المرحلة الملكية) ستدرك أن البشر ليسوا ملائكة ففيهم سيئ الخلق ومنهم قليل التديُّن ومنهم بسيط الفهم وستدرك أن البعضَ لا تُسعفه أخلاقه أنْ يكون صاحب مروءة حتى في أوقات الوئام! * في (المرحلة الملكية) ستدرك أن التكيف مع الظروف أحد أهم أسباب السعادة فمهما كانت قسوة ظروفك وصعوبة حياتك فلن تندب الحظ ولا تلعن الظروف بل ستتأقلم مع ما لا يمكن تغييره وسوف تسعى لتغيير ما يمكن تغيير! وأخيراً.. لماذا تنتظر مرحلة عمرية معينة حتى تنعم بـ(المرحلة الملكية) وخذ بها من الآن فقليل من دروس الحياة ما تأخذه بالمجان، والعقلاء هم من يلتقطون الحكمة ويحاكون العظماء يتعلمون من التجارب ويستفيدون من القوانين وما هي سماتها وأنا هنا أدعوك لاختصار الوقت وإعفاء النفس من مؤونة التجارب ولا تنتظر أن يتناهى بك السن، وتطوى مراحل الشباب، وتبلغ ساحل الحياة وانعم بـ(المرحلة الملكية) وأنت في ظل الشباب، وربيع العمر لتعيش حياة فخمة تليق بك! المقال للكاتب :د.خالد بن صالح المنيف

الثلاثاء، 17 يناير 2017

﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ﴾


الآية التاسعة بعد المائة من سورة التوبة وهي قوله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109)﴾ من إعجاز القرآن الكريم، أن الآية لها معنى، في السياق وفي السباق، وفي اللحاق، فإذا نزعت من سياقها، تُعد قانوناً، فلعل تفسير هذه الآية في سياق الآيات التي قبلها، لها منحى، ومعنى، لكن لو اقتطعنا هذه الآية وحدها، ووقفنا عند معانيها الدقيقة، لكانت وحدةً مستقلةً في معانيها. فمثلاً: الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ﴾ بناء يا ترى هل بنيت عقيدتك على أساسٍ صحيح ؟ هل عرفت حقيقة الحياة الدنيا ؟ هل عرفت من أنت ؟ ما دورك في الحياة ؟ هل عرفت حقيقة الكون ؟ لماذا خلقت في الدنيا ؟ يعني تصوراتك عن الكون، والحياة والشهوات، صحيحة ؟ ما حكمة الشهوة التي أودعها الله فيك ؟ هل أنت مخير أم مسير ؟ ما أثمن شيء بالحياة الدنيا ؟ هل هو أن تجمع الأموال ؟ أم أن تنغمس في الملذات ؟ أم أن تعمل صالحاً. فالبنيان ؟ البناء الفكري، طيب، الآن البيت بناء، أسست بيت بناء بشكل إسلامي ؟ اخترت زوجة صالحة مؤمنة ؟ من تزوج المرأة لجمالها أذله الله ومن تزوجها لمالها أفقره الله، ومن تزوجها لحسبها زاده الله دناءة، فعليك بذات الدين تربت يداك. بنيت عقلك بناء صحيح، بنيت بيتك بناء صحيح، الآن بنيت عملك بناء صحيح، في أعمال مبنية على معصية، في أعمال مبنية على بضاعة محرمة، في أعمال مبنية على أخذ ما عند الناس، على إيقاع الأذى بالناس، على بث الخوف عند الناس، يا ترى بنيت عقيدتك، وبنيت بيتك وبنيت عملك بناء صحيح ؟ أخوانا الكرام: العمر قصير، والزمن خطير، واللقاء حتمي، والخيار بالإيمان ليس خيار قبول أو رفض، خيار وقت فقط، فهناك من يؤمن ولكن بعد فوات الأوان، فمالنا خيار بالإيمان، الإيمان: ﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)﴾ ( سورة ق: 22 ) فالواحد يعمل دراسة دقيقة لعمله، لطرق كسب المال في حياته، طرق إنفاق المال بيته، بناته زوجته، أولاده، بناءه الفكري، عقيدته، مشاعره، أذواقه، لهوه، طربه، نمطه، يعني إنسان يحضر مجلس علم، حتى المجلس يساهم بشكل تدريجي، ببنائك البناء الصحيح حتى تعرف الحقيقة من أنت ؟ إلى أين ؟ وأين كنت ؟ فالإنسان من دون مجلس علم لا يفقه شىء، مجلس العلم هو الذي يبني إيمانك البناء الصحيح، وأنت عليك التطبيق.

"فى بلد العميان يصير الأعور ملكا"


"فى بلد العميان يصير الأعور ملكا" هذا مثل مشهور مأخوذ من رواية "أرض العميان" للكاتب البريطاني ( هربرت جورج ويلز ) وهوما يشبه قولنا"أعرج فى حارة المكسحين" عندما ينهار الحق برغم سطوعه أمام الباطل لأنه الأكثر والأوسع إنتشاراً إن الحق لو لم يجد من ينصره .. سيستسلم للباطل ولكن أود أن أعرض رأيى وأقول أن البصر لاقيمة له إذا لم يكن هناك بصيرة تدرك وتعقل مالا تراه العين كما يقول المولى -عز وجل-( لهم قلوب لا يعقلون بها) هناك لحظة تدرك فيها أن الخطأ يسود وينتشر من حولك وفى لحظة كهذه يصير القابض على المنطق والصواب كالقابض على جمرة، تشعر بالغرابة والأختلاف ولربما يعتبرونك مجنونا أو على شىء من العته. الأدهى أن لديك فضائل لكنهم لايرون فيها أى قيمة وعندما تأتيك لحظة الشك والريبة وهذه اللحظة آتية لا محالة وهو أن تتخلى عن عينيك لتصير كالآخرين أعمى ،وأفضل وصف لذلك كلمة إمعة ، وفعلا هذا ما يحدث أمور غريبة نفعلها ولا نجد لها أى تفسير سوى أنها مع مرور الزمن صارت عادة وتحولت بعد ذلك إلى عرف ، فلا تصف نفسك بالنقاء وأنت فى الوحل أنت فى الدائرة نفسها لا يمكن أن تختلف. وآخر مع أختم به آية، وحديث قال الله تعالى:"قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فأتقوا الله يأولى الألباب لعلكم تفلحون" قال رسولنا العظيم:"لا يكن أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساءوا أسأت ، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم" أسأل الله أن يمن علينا جميعا بنعمة البصيرة والإبصار.

الجمعة، 13 يناير 2017

{القصيدة الصخرية}

هي أشهر قصيدة غزلية في العصر الحجري كتبها شاعر مجهول ووجدت مكتوبة على صخرة ضخمة على باب أحد الكهوف القديمة. يقال أن محبوبة ذلك الشاعر كانت حبيسة هذا الكهف و لم تستطع الخروج رغم استغاثاتها،فأوحت شياطين الشعر إلى حبيبها ذلك الشاعر المجهول الهوية بكتابة قصيدة بعدد أيام السنة شريطة أن يكتب بيتاً كل يوم وينقشه على الصخرة الضخمة التى تسد باب الكهف ،فإذا فعل فستتحرك الصخرة ويُفتح باب الكهف مع آخر بيت في القصيدة ومع آخر يوم في السنة . ففعل الشاعر وكتب القصيدة وانفتح باب الكهف مع آخر يوم في السنة ولكنه لم يجد محبوبته داخل الكهف ، فأمرته شياطين الشعر بتكرار ذلك لسنة أخرى وهو يمتثل للأمر إلى أن مات على ذلك دون أن يظفر بمحبوبته . ونظم القصيدة هكذا: 

 ومدعشر بالقعطليـن تحشرفـت ==== شرفتـاه فخـرّ كالخربعـصـل الكيكـذوب الهيكـذوب تهيهعـت ==== من روكفٍ كالعلقبـوت المنقـل قراحف أحشاف بروب سكوبـل ==== يسعسعن ولكن بالخرنفش الزقعمل وتفشخط الفشخاط في شخط الحفا ==== بربـا سكـاه بروكـة البعبعبـل تدفق في البطحاء بعـد تبهطـل ==== ِوقعقع في البيداء غيـر مزركـلِ‎ وسار بأركان العقيش مقرنصـاً ==== وهام بكـل القارطـات بشنكـلِ‎ يقول وما بال البحـاط مقرطمـاً ==== ويسعى دواماً بين هـك وهنكـلِ‎ إذا أقبل البعـراط طـاح بهمـةٍ ==== وإن أقرط المحطوش ناء بكلكـلِ‎ يكاد على فرط الحطيـف يبقبـق ==== يضرب ما بين الهماط وكنـدلِ‎ فيا أيها البغقـوش لسـت بقاعـدٍ ==== ولا أنت في كل البحيص بطنبـل هذا جوابي متقرنطـا متبعطـلا ==== واعرف انك لـن وابـدا تعقلـي 

نفس القصيدة بتعبير مختلف: و متعشرٍ بالـقـعـطـلـين تخرشمت = خـرنوفـتـاه فخــرّ كالخـربعـزلي ومدركل بالشنظلين تجولقت =عكص لها بالفيلطوس العكصل الهيكذوب الكيكذوب تروكعت = بعــبـولـتــاه بروكــة الـبعبعبــــلي فانطرّ يودق في الحسيم ضـرامةً = شِفن الحِزَبْل على بعيطٍ سرمــلي وتخشرفت حرموشة الأمل الذي = أعـشـــت متاهبه فلاذ بفـــرجـــل وغــدا بُعيد الأندبار مقعقعــــــــــاً = الـهـــــق هــقٌ والــزمان ترللي

[ قدم معروفا لنفسك ]

أنت الآن فى فسحة من الزمن فاصنع معروفا لنفسك الآن تلقاه غداً،قم فصلى ركعتين لله كأنها آخر صلاة تصليها صلى بخشوغ ثم أدعو الله أن يغفر لك ما مضى ، اغفر وسامح اعدائك ، افعل ذلك بإيمان وثقة بالله لتشفى مشاعرك فى التخلص من الآم الماضى افعل المعروف لأجل نفسك لا لتحصل على ثناء ولا لتنتظر عليه أجرا، افعل ما يريح ضميرك وردد وأنت قائم حتى تذهب فى النوم { لله الأمر من قبل ومن بعد } ولم أجد سلوى للنفس المطمئنة الإ بنهاية ما ذكرت ،ولا أزيد على ذلك سوي برائعة شعرية للإمام محمد بن إدريس الشافعى قصيدة (المرء يعرف في الأنام بفعله) المرء يُعرفُ فِي الأَنَامِ بِفِعْلِه وَخَصَائِلُ المَرْءِ الكَرِيم كَأَصْلِهِ إصْبِر عَلَى حُلْوِ الزَّمَانِ وَمُرّه وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ .. لا تَسْتَغِيب فَتُسْتَغابُ ، وَرُبّمَا مَنْ قَال شَيْئاً ، قِيْلَ فِيْه بِمِثْلِهِ وَتَجَنَّبِ الفَحْشَاءَ لا تَنْطِقْ بِهَا مَا دُمْتَ فِي جِدّ الكَلامِ وَهَزْلِهِ وَإِذَا الصَّدِيْقُ أَسَى عَلَيْكَ بِجَهْلِهِ فَاصْفَح لأَجْلِ الوُدِّ لَيْسَ لأَجْلِهِ ، كَمْ عَالمٍ مُتَفَضِّلٍ ، قَدْ سَبّهُ .! مَنْ لا يُسَاوِي غِرْزَةً فِي نَعْلِهِ ! البَحْرُ تَعْلُو فَوْقَهُ جِيَفُ الفَلا . وَالدُّرّ مَطْمُوْرٌ بِأَسْفَلِ رَمْلِهِ ، وَاعْجَبْ لِعُصْفُوْرٍ يُزَاحِمُ بَاشِقا إلاّ لِطَيْشَتِهِ .. وَخِفّةِ ، عَقْلِهِ ! إِيّاكَ تَجْنِي سُكَّرًا مِنْ حَنْظَلٍ ، فَالشَّيْءُ يَرْجِعُ بِالمَذَاقِ لأَصْلِهِ فِي الجَوِّ مَكْتُوْبٌٌ عَلَى صُحُفِ الهَوَى مَنْ يَعْمَلِ المَعْرُوْفَ يُجْزَ بِمِثْلِهِ ولا أنسى أن أذكركم ونفسى بتقوى الله وختامى بكلام العلى القدير: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(77)سورة الحج