ليس الذي يسرق الأموال والأشياء المادية فحسب ، بل هو السارق لأعظم منها، فلفظ السارق بمفهومه الأعم الأشمل هو من يسرق سنوات حياته ويضيعها فيما لا يفيد ويلهث وراء لاشىء ، من يسرق بنظره ما ليس له وينقم على الغير ولا يعرف أنه بفعله ناقم على المنعم ، من يسرق مجهود غيره ويتسلق على شقاء وتعب الآخرين ،هو المفرط فى حقوق نفسه عليه بأن ينتشلها مما هى فيه إلى عالم أوسع وأرحب ، هو أيضا الذى يكتم الحق والحقيقة ويخفيها عن الأخرين لغرض فى نفسه، هو الذى يفتى الغير بدون علم لتضليلهم ، ومن يسرق البراءة من رحم الطفولة فسرقة الوجود هي اعظم سرقة والطفولة أعظم وجود يمكنه ان يبقى على الوجوه التي سرقها الفقر ،ومن يسرق البسمة والفرحة من وجوه الناس، ومن يسرق الأمل فى تخليه عن الذين علقوا مصائرهم بيده، ومن يخدع الناس ويستمرأ بأفعاله المناقضة لأقواله ، و هو أيضا من يسرق أفكارك وأبحاثك ومؤلفاتك ،ومن يحرم من له لإشباع نزواته ، هو المهمل فى إثراء نفسه ونقائها ، والمقصر فى اداء واجبه تجاه من يعول ، ومن يسرق أقوات المساكين وينزع اللقمة من فم جائع ، ومن يبدل جوهر الأشياء إلى غير حقيقتها ،ومن يحرمك الكرامة والحياة الكريمة ،ومن يسرق أحلام الناس وطموحاتهم الحياتية والمعيشية ،ومن يبخس الناس أشياءهم ولا يعطيهم حقوقهم، هوايضاالمعطل لنفسه عن أسمى معانى الحياة النبيلة ، ومن يحرم نفسه كل سبل الخير والهداية بطول الأمل ، ومن يؤخر حياته المستقبلية عن كل أسباب النعيم المقيم، إنه أيضا السارق لصلاته حين ينقرها نقرا ، لا يتم ركوعها ولا سجودها ، وفي الحديث الصحيح " أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته ، قيل : يا رسول الله كيف يسرق صلاته ؟ قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها " وفي الصحيح " إن الرجل ليصلي ستين سنة وما تقبل له صلاة ، لعله يتم الركوع ولا يتم السجود ، ويتم السجود ولا يتم الركوع "
كل هؤلاء هم السارقون الحقيقيون الأشد خطراً علينا وعلى مجتمعاتنا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق