Social Icons

الاثنين، 5 يونيو 2023

[] [] ما هو الإنسان ؟؟ [] []

سعيت وراء علماء التشريح لأعرف ما هو الإنسان.. سرت وراء المشرط و هو ينقب في الأحشاء و المصارين و اللحم و العظم.. و هو يفتح القلب و يتتبع الأعصاب حتى نهايتها.. و هو يقطع المخ نصفين، ثم يقطع كل نصف إلى نصفين. و بعد ثلاثة آلاف صفحة من كتب التشريح لم أصل إلى شيء و كأنما فتحت حقيبة فوجدت داخلها حقيبة ثم حقيبة، و في نهاية المطاف اكتشفت أني مازلت واقفا في مكاني أدق على الباب نفسه من الخارج، لم ألج إلى الداخل قط. كنت طول الوقت أتحسس كسوة ذلك الإنسان لاكتشف أن القناع الذي يحجبه ليس ثيابه وحدها.. و إنما جلده ثوب آخر.. و لحمه و شحمه و عظامه كلها ثياب.. أما هو نفسه فبعيد.. بعيد.. تحت هذه الأقمشة السميكة من اللحم و الدم. قالت لي كتب التشريح إن الإنسان مجموعة من الأحشاء في قرطاس من الجلد. و لكنها لم تصف لي الإنسان على الإطلاق، و إنما وصفت ثيابه.. أما قلبه، أما عواطفه، فإنها ليست في تلك الكتب.. إنها فينا نحن الأحياء. إنها الزامر الذي ينفخ من الداخل في ذلك البوق الجسدي الذي يتألف من الفم و اللسان و الشفتين و اليدين و الرجلين فتنطق و تتحرك كأنما هي دمى خشبية تحركها خيوط خفية من وراء خباء. إنها العاطفة.. الإرادة.. الروح.. النفس.. ال أنا.. سمها كما تشاء.. و لكنها دائما غاية في الوحدة و البساطة. وراء هذا العديد المتعدد من الأعضاء هناك وحدة.. هناك دائما واحد فقط يتكلم من داخل المعمار الجسدي المعقد التركيب المتعدد النوافذ و الشرفات.. واحد فقط بالرغم من هذه الألوف المؤلفة من الأنسجة و الملايين بلا عدد من الخلايا. فإذا نظرت إلى الطبيعة حولك بما يتعدد فيها من إنسان و حيوان و نبات لمست مرة أخرى نوعا ثانيا من الوحدة.. فهذا الشتيت المختلف من أشكال الحياة يخفى وراء وحدة. ليست مصادفة أن تركيب جسمي و تركيب جسمك واحد.. و لا هي مصادفة أننا، لنا رئتان مثلما للحصان و الحوت و العصفور.. و أن رقبة الزرافة على طولها بها سبع فقرات مثل رقبتك القصيرة تماما.. و أن ذيل القرد لك ذيل مثله ضامر متدامج ملتحم في مؤخرتك.. و بالمثل أجنحة الخفافيش هي أذرع مثل أذرعك لها العدد نفسه من الأصابع و العظام و المفاصل، كل ما تمتاز به أن جلدها مشدود عليها كالستارة. و أنت و الشجرة تتألفان من المواد ذاتها.. كربون و ماء و أملاح معدنية.. و كلاكما تتحولان بالاحتراق إلى فحم. و كل أنواع الحياة تنهدم بالموت فتستحيل إلى تراب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق