Social Icons

الثلاثاء، 11 يناير 2011

برتوكولات حكماء صهيون


الديانة اليهودية

بـورتوكولات حكماء صهيون, الـ 24 بروتوكول كاملة

بروتوكولات حكماء صهيون
ترجمة المؤرخ عجاج نويهص لنصوص البروتوكولات ترجمة توافق نصوص الطبعة الإنكليزية الحادية والثمانين الصادرة سنة 1958 للسيد فيكتور مارسدن المبنية على أول طبعة بالروسية ظهرت سنة 1905 للعلاّمة سرجي نيلوس


البروتوكول الأول

الحق للقوة – الحرية: مجرد فكرة – الليبرالية – الذهب – الإيمان – الحكومة الذاتية – رأس المال وسلطته المطلقة – العدو الداخلي - الدهماء – الفوضى – التضاد بين السياسة والأخلاق – حق القوى – السلطة اليهودية الماسونية لا تُغلب – الغاية تبرر الواسطة – الدهماء كالرجل الأعمى – الأبجدية السياسة – الانشقاق الحزبي – أفضل أنواع الحكم : السلطة المطلقة – المسكرات – التمسك بالقديم – الفساد – المبادئ والقواعد للحكومة اليهودية الماسونية – الإرهاب – الحرية والعدالة والإخاء – مبادئ حكم السلالات الوراثية – نسف الامتيازات التي للطبقة الأرستقراطية من "الغوييم" – الأرستقراطية الجديدة (اليهودية) – الحالات النفسانية – المعنى المجرد لكلمة "حرية" – السلطة الخفية التي تُقصي ممثلي الشعب

إننا نتناول كل فكرة على حدة، ونمحصها تمحيصاً: بالمقارنة والاستنتاج، حتى تتبين ماهيتها بذاتها، ونرى ما يلابسها ويحيط بها من حقائق. وأما أسلوب الكلام فنجري عليه سهلا خاليا من زخارف الصناعة.

وما علي أن أبدأ بشرحه الآن، هو منهجنا في العمل، فأشرح ذلك من ناحيتين: وجهة نظرنا، ووجهة نظر الغوييم (غير اليهود).

وأول ما يجب أن يلاحظ أن الناس على طبيعتين: الذين غرائزهم سقيمة، والذين غرائزهم سليمة، والأولون أكثر عددا. ولهذه العلة، فخير النتائج التي يراد تحقيقها من التسلط على الغوييم بطريق الحكومة، إنما يكون بالعنف والإرهاب، لا بالمجادلات النظرية المجردة، إذ كل امرئ مشتهاة الوصول إلى امتلاك زمام السلطة، وكل فرد يود لو يصبح دكتاتورا. وقليلون الذين لا يشتهون تضحية مصالح الجمهور من اجل منافعهم الخاصة.

ولعمري ما هي الروادع التي تكف الحيوانات المفترسة عن الوثوب، وهذه العجماوات ما هي إلا الغوييم؟ وما هو الذي قام فيهم حتى اليوم ضبط أحوالهم؟

أما بدايتهم، بداية تكوين المجتمع، فإنهم كانوا مأخوذين بالقهر من القوة الغاشمة العمياء ولهذه القوة كانوا خانعين، أما بعد ذلك، فسيطر عليهم القانون الموضوع، وهو القوة الغاشمة نفسها، ولكنه جاء بزي مختلف في المظهر لا غير. واستنتج من هذا أنه بموجب ناموس الطبيعة، الحق قوة.

الحرية السياسية إنما هي فكرة مجردة، ولا واقع حقيقي لها. وهذه الفكرة، وهي الطُعم في الشرك، على الواحد منا أن يعلم كيف يجب أن يطبقها، حيث تدعو الضرورة، لاستغواء الجماعات والجماهير إلى حزبه، ابتغاء أن يقوم هذا الحزب فيسحق الحزب المناوئ له وهو الحزب الذي بيده الحكومة والسلطة.

وهذا العمل إنما يصبح أهون وأيسر، إذا كان الخصم المراد البطش به قد أخذته عدوى فكرة الحرية المسماة باسم ليبرالية، وهذا الحزب مستعد من أجل إدراك هذه الفكرة المجردة، أن ينزل عن بعض سلطته. وهنا، جزما، يكون مطلع انتصار فكرتنا. وتحصل حينئذ حال أخرى: فما للحكومة من زمام، يكون قد استرخى وأخذ بالانحلال فورا، وهذا من عمل قانون الحياة، فتتسلط اليد الجديدة على الزمام وتجمع بعضه إلى بعض وتقيمه، لأن القوة العمياء في الأمة لا تقوى على البقاء يوما واحدا دون أن يكون لها موئل يهيمن عليها بالضبط والإرشاد، ثم تمضي الحكومة الجديدة بالأمر، وجُل ما تفعله أنها تحل محل الحكومة السابقة التي نهكتها فكرة الليبرالية حتى أودت بها.

هذا الطور كان فيما مضى. أما اليوم فالقوة التي نسخت قوة الحكام من أنصار الليبرالية هي الذهب. ولكل زمان إيمان يصح بصحته. وفكرة الحرية مستحيلة التحقيق على الناس، لأن ليس فيهم من يعرف كيف يستعملها بحكمة وأناة. وانظروا في هذا، فإنكم إذا سلمتم شعبا الحكم الذاتي لوقت ما، فإنه لا يلبث أن تغشاه الفوضى، وتختل أموره، ومن هذه اللحظة فصاعدا يشتد التناحر بين الجماعات والجماهير حتى تقع المعارك بين الطبقات، وفي وسط هذا الاضطراب تحترق الحكومات، فإذا بها كومة رماد.

وهذه الحكومة مصيرها الاضمحلال، سواء عليها أدَفَنَت هي نفسها بالانتفاضات الآكلة بعضها بعضا من داخل، أم جرها هذا بالتالي إلى الوقوع في براثن عدو من خارج، فعلى الحالتين تعتبر أنها أصيبت في مقاتلها، فغدت أعجز من أن تقوى على النهوض لتقيل نفسها من عثرتها، فإذا بها في قبضة يدنا. وحينئذ تأتي سلطة رأس المال، وتكون جاهزة، فتمد هذه السلطة بطرف حبل خفي إلى تلك الحكومة الجديدة لتعلق به، طوعا أم كرها، لحاجتها الماسة إليه، فإن لم تفعل هوت إلى القعر.

فإذا قال قائل من هواة الليبرالية أن هذا النهج المتقدمة صورته، يتنافى وشرع الأخلاق، سألناه: إذا كان لكل دولة عدوّان، وجاز للدولة في مكافحة العدو الخارجي أن تستعمل كل وسيلة وطريقة وحيلة، دون أن يُعَدّ عليها هذا أو ذاك أنه شيء لا تقرّه الأخلاق، كأن تُعمّي على العدو خطط الهجوم والدفاع، حتى لا يدري منها شيئا، وكأخذه بالمباغتة ليلا، أو بالانقضاض عليه بعدد ضخم من الجند لا قبل له به، أفلا يكون من باب أولى في مكافحة العدو الداخلي الذي هو شر من ذاك، وهو العدو المخرب لكيان المجتمع ومصالح الجمهور، أن تستعمل هذه الوسائل للقضاء عليه؟ وكيف يبقى مساغ للقول أن هذا الأمر إذا جاز هناك فلا يجوز هنا؟ والحق الذي لا ريب فيه أن تلك الوسائل إذا كانت سائغة مطلقة هناك، ومباحة، فلا تكون هنا منهيّا عنها فلا يؤخذ بها.

ولعمري كيف يكون ممكنا لدى أيّ حكيم بصير، أن يأمل في إدراك الفلاح والفوز، في قيادة الجماهير إلى حيث يريد، إذا كانت عدته ما هي إلا الاعتماد على مجرد منطق الرأي والإرشاد، والجدل والمقال، حينما تعترضه مقاومة، أو رماه الخصم بعورة حتى لو كانت من الترهات، وأصغت الجماهير إلى هذا، والجماهير لا تذهب في تحليل الأمور إلى ما هو أبعد من الظاهر السطحي؟

فالرجال الذين نحسبهم من الآحاد وفي الطليعة، إذا ما سبحوا في غمرة الجماهير المؤلفة من الدهماء، فحينئذ لا يستولي على هؤلاء الرجال وجماهيرهم إلا سائق الأهواء، والمعتقدات الرخيصة، وما خفّ وفشا من العادات والتقاليد والنظريات العاطفية، فيقعون في مهوى التطاحن الحزبي، الأمر الذي يمنع اتفاقهم على أي قرار، حتى ولو كان هذا القرار واضح المصلحة ولا خفاء في ذلك ولا مطعن. ثم إن كل قرار يضعه الجمهور العابث، يتوقف مصيره حينئذ إمّا على فرصة مؤآتية تمضي به إلى غايته، وإمّا على كثرة كاثرة تؤيده، ولكن الكثرة لجهلها أسرار السياسة وبواطنها، فالقرار الذي يخرج من بين يديها لا يكون إلا سخرية ومهزلة، وإنما في هذا القرار تكمن بذرة الفساد، فتفسد الحكومة بالنتيجة، فتدركها الفوضى ولا مناص.

فالسياسة مدارها غير مدار الأخلاق، ولا شيء مشترك بينهما، والحاكم الذي يخضع لمنهج الأخلاق لا يكون سائسا حاذقا، فيبقى على عرشه مهزوزا متداعيا. وأما الحاكم اللبيب الذي يريد أن يبسط حكمه فيجعله وطيدا، يجب عليه أن يكون ذا خصلتين: الدهاء النافذ، والمكر الخادع. وأما تلك الصفات التي يقال أنها من الشمائل القومية العالية، كالصراحة في إخلاص، والأمانة في شرف، فهذا كله يعدّ في باب السياسة من النقائص لا الفضائل، ويسرع بالحكام إلى أن يتدحرجوا من على عروشهم ولا منقذ لهم، ويكون هذا أكيَد لهم وأنكى، وأفعل في تفكيكهم وتهديمهم من الذي يأتيهم من قِبَل أكبر عدو يتربص يهم. وتلك الصفات منابتها ممالك الغوييم وحكوماتهم، فهي منهم وهم بها أولى. وحذار حذار أن نقبل مثل هذا نحن.

حقنا منبعه القوة. وكلمة حق، وجدانية معنوية مجردة، وليس على صحتها دليل. ومفادها لا شيء أكثر من هذا: أعطني ما أريد فأبرهن بذلك على أني أقوى منك.

فأين يبتدئ الحق وأين ينتهي؟

فإني أجد في كل دولة استولى الفساد على إدارتها، ولا هيبة بقيت لقوانينها ولا سطوة، ولا مقامات مرعيّة لحكّامها، وانطلق الناس إلى مطالب الحقوق، فكل ساعة ينادون بمطلب جديد ويسقطون مطلبا، فاختلطت دعاويهم وتضاربت، وصار لكل حزب من الافتنان والهوى، حق باسم الليبرالية - إني أجد هنا في مثل هذا المواطن أن أهاجم باسم الحق، وهو حق القوة فأذرو في الهواء جميع هياكل الأنظمة والأجهزة الجوفاء، وآتي بشيء جديد يحل محل الذاهب، وأجعل نفسي حاكما سيدا على هؤلاء الذين تركوا لنا الحقوق التي كانوا يبنون عليها حكمهم، وأما مصيرهم هم فالاستسلام إلى ما كانوا يحملون من عقائد الليبرالية.

وتتميز قوتنا في مثل هذه الحالة الرجراجة، عن كل قوة أخرى، بمميزات أمنع وأثبت، وأقوى على ردّ العادية، لأنها تبقى وراء الستار، متخفيّة، حتى يحين وقتها، وقد نضجت واكتملت عدتها، فتضرب ضربتها وهي عزيزة، ولا حيلة لأحد في النيل منها أو الوقوف في وجهها.

ومن هذا الشر الموقت الذي نُكره على إيقاعه، يخرج الخير، هو خير الحكم الجديد الذي لا تهزه ريح، فيردّ الأمور المنحرفة من جهاز الحياة الوطنية إلى نصابها ويجعلها في الطريق القويم. وكل هذا كانت الليبرالية قد مزقته. فالنتائج تبرر الأسباب والوسائل. فعلينا في وضع منهجنا أن نراعي ما هو أفيد وضروري أكثر مما نراعي ما هو أصلح وأخلاقي.

وأمامنا الآن مخطط, وفي هذا المخطط رُسِمَت الطريق التي يجب علينا أن نسلكها نحو غايتنا, وليس أن نحيد عن هذا قيد شعرة, إلا إذا فعلنا ذلك مجازفة ومخاطرة, فنخسر نتائج عملنا لعدة قرون, فيذهب كله سدى.

ولكي نُوفق إلى بناء الأمور على ما نريد من الصحة والكمال في أفعالنا, لابدّ لنا نأخذ بعين الاعتبار ما يكون عليه جمهور من الدهماء من طباع خسّة ونذالة, وتراخ, وقلة استقرار, وفراره من حالة إلى حالة, وفقده القدرة على اكتناه أمور حياته, وافتقاره إلى نظرة الجد وصحة العزم, فهو متعام عن رؤية وجه مصالحه. ويجب أن يكون واضحا أن قوة الدهماء عمياء, تخدّرت منها حاسة الشعور, ولا تجري في الفهم والاستيعاب على نطاق المعقول, وهي أبدا رهن أي مستفز يستفزها من أي ناحية. وأعمى لا يقود إلا إلى هاوية, وفي النهاية يخرج أفراد من الدهماء ومن سواد الشعب, لا يعدو طورهم أن يكونوا ممن لا خبرة لهم ولا سابق تجربة, وقد يكون لهم من النبوغ مظهر برّاق, ولكن لقصورهم عن النفاذ إلى بواطن المسائل السياسية المحجبة, فانهم لا يلبثون, إذا استطاعوا أولا بلوغ الزعامة وقيادة الدهماء, أن يهووا, فتهوى معهم الأمة, فينتقض الحبل كله.

وإنما هناك رجل واحد مجرَّب, رُبى منذ الصِغر على فهم الحكم المستقل وتمرَّس به, بوسعه أن يعي ويزن جيدا الكلمات التي تتركب منها أبجدية السياسة.

والشعب الذي يُترك وشأنه ليستسلم الى أمثال هؤلاء الذين يظهرون على المراسح فجأة من صفوفه, يجني على نفسه إذ تقتله منازعات الأحزاب, المنازعات التي يزيد من شدة أُوارها حب الوصول إلى السلطات, والازدهاء بالمظاهر والألقاب والرئاسات, وكل هذا في فوضى شاملة. أفتستطيع الدهماء, بهدوء وسكينة, وبلا تحاسد وتباغض, أن تتعاطى مهمات المصلحة العامة, وتديرها على الحكمة, دون أن تخلط بين هذا ومصالح خاصة؟ أتستطيع أن تدافع عن نفسها في وجه عدوّ خارجي؟ لا لعمري! لأن المسألة التي تتخطفها الأيدي تتمزق بعدد الأيدي التي تتخطفها, مآلها أن تشوّه, وتفقد الانسجام بين أجزائها, فتتعقّد, وتُبهم, وتستعصي على أن تقبل التنفيذ.

ولا يتم وضع المخطط وضعا كاملاً محكماً إلى آخر مداه, إلا على يد حاكم مستبد قاهر, يقوم على ذلك حتى النهاية, ثم يوزعه أجزاء على جهاز الدولة, فيتعلق كل جزء بآلته الخاصة به من جهة التنفيذ, ونستنتج من هذا بالضرورة أن الوضع الذي ينبغي أن تكون عليه الدولة مع اللياقة والكفاية, هو الوضع الذي يجتمع كله في يد رجل مسؤول. وبلا سلطة مطلقة, لا حياة للحضارة, والحضارة لا تقوم على الدهماء, بل على يد مَن يقود الدهماء, كائناً من يكون ذلك الرجل القائد. والدهماء قوة همجية, وهذه القوة تتجلى في كل مناسبة واقعة. وفي اللحظة التي تتسلم فيها الدهماء الحرية, وتجِدُ نفسها قادرة على التصرف كما تشاء, تقع الفوضى فوراً, وهذا الضرب من الاختباط أسوأ ضروب التردي الإنساني الأعمى.

انظروا إلى الحيوانات المدمنة على المسكر, تدور برؤوسٍ مدوَّخة, ترى من حقها المزيد منه فتناله إذا نالت الحرية. فهذا لا يليق بنا, ولا نسلك نحن هذه الدروب. فشعوب الغوييم قد رنّحتها الخمرة, وشبابهم قد استولت عليهم البلادة من نتيجة ذلك, فأخملتهم وألصقتهم بالبقاء على القديم الموروث الذي عرفوه ونشأوا عليه, وقد ازدادوا إغراء بأوضاعهم هذه, على يد المهيأين من جهتنا خاصة للدفع بهم في هذا الاتجاه ـ كالمعلمين المنتدبين للتعليم الخاص, والخدم, والمربيات والحاضنات في بيوت الأغنياء, الكتبة والموظفين في الأعمال المكتبية وسواهم, وكالنساء منا في المقاصف وأماكن الملذات التي يرتادها الغوييم. وفي عداد هذا الطراز الأخير, اذكر ما يسمى عادة "بمجتمع السيدات", أو "المجتمع النسائي" حيث المعاشرة مباحة للفساد والترف. وشعارنا ضد هذا: العنف, واخذ الناس بالحيلة ليعتقدوا أن الشيء المتعلقة به الحيلة كأنه صحيحٌ لا ريب فيه. وإنما بالعنف وحده يتم لنا الغلب في الأمور السياسي، ولا سيما إذا كانت أدوات العنف مخفية, من المواهب الذهنية مما هو ضروري لرجال السياسة. فالعنف يجب أن يُتخذ قاعدة وكذلك المكر والخداع, وما قلناه مما ينبغي أن يكون شعاراً, كل هذا فائدته العملية أن يتخذ قاعدة في الحكومات التي يراد أن تتخلى عن تيجانها تحت أقدام الممثل الجديد لعهد جديد. وهذا الشر هو الوسيلة الوحيدة لبلوغ الغاية المقصودة من الخير. ولذلك لا ينبغي لنا أن نتردد في استعمال الرشوة والخديعة والخيانة, متى لاح لنا أن بهذا تحقّق الغاية. وفي السياسة يجب على الواحد المسؤول أن يعرف كيف تقتنص الفرص فوراً, إذا كان من نتيجة ذلك الاستسلام إلى السلطة الجديدة.

ودولتنا الماضية قدما في طريقها، طريق الفتح السلمي، من حقها أن تبدل أهوال الفتن والحروب لما هو أخف وأهون، وأخفى عن العيون، وهو إصدار أحكام بالموت، ضرورية، من وراء ستار، فيبقى الرعب قائما، وقد تبدلت صورته، فيؤدي ذلك إلى الخضوع الأعمى المبتغى.

قل هي الشراسة. ومتى ما كانت في محلها ولا تتراجع إلى الرفق، غدت عامل القوة الأكبر في الدولة. وإن تعلقنا بهذا المنهج، ولا يراد به المكسب المغنم فحسب، بل نريده أيضا من أجل الواجب انتحاء بالقافلة نحو النصر، ونعود فنقرر أنه هو العنف، وأخذ الناس بالحيلة ليعتقدوا أن الشيء المتعلقة به الحيلة كأنه صحيح لا ريب فيه.

في الزمن الماضي، كنا نحن أول من نادى في جماهير الشعب بكلمات الحرية والعدالة والمساواة، وهي كلمات لم تزل تردد إلى اليوم، ويرددها من هم بالببغاوات أشبه، ينقضُّون على طُعم الشرك من كل جو وسماء، فأفسدوا على العالم رفاهيته كما أفسدوا على الفرد حريته الحقيقية، وكانت من قبل في حرز من عبث الدهماء.

والذين يرجى أن يكونوا حكماء عقلاء من الغوييم، وأهل فكر وروية، لم يستطيعوا أن يفهموا شيئا من معاني هذه الألفاظ التي ينادون بها، الفارغة الجوفاء؛ ولا أن يلاحظوا ما بين بعضها بعضا من تناقض وتضارب، ولا أن يتبينوا أن ليس في أصل الطبيعة مساواة، ولا يمكن أن تكون هناك حرية، إذ الطبيعة هي نفسها قد صنعت الفروق في الأذهان والأخلاق والكفاءات، وجعلت هذه الفروق ثابتة كثبات الخضوع لها في سننها ونواميسها. وعَجَز أولئك أيضا عن أن يدركوا أن الدهماء قوة عمياء، وأن النخبة الجديدة المختارة منهم لتَوَلّي المسؤولية، في خلو من التجربة. وهي بالقياس إلى ما تتطلبه السياسة، عمياء كالدهماء, حتى ولا فرق. واللوذعي وإن كان مجنونا فبوسعه أن يصل إلى الحكم، بينما غير اللوذعي، ولو كان عبقريا، فلا يدرك كنه السياسة. وهذه الأشياء كلها لم يفقه الغوييم من بواطنها وأسرارها شيئا، ومع هذا، فقد كانت عهود الحكم، وحكم السلالات في الماضي عند الغوييم، ترسو على هذه الأغاليط، فكان الأب ينقل إلى ابنه معرفة أصول السياسة بطريقة لا يشارك فيها أحد إلا أفراد السلالة، ولا أحد منهم يفتح هذا الباب للرعية. ومع اطراد الزمن صار معنى احتكار هذا الأمر في السلالات يعروه الإبهام والكمود، حتى تلاشى واضمحلّ. وهذا بالنتيجة ساعد في إنجاح قضيتنا.

وفي جميع جنبات الدنيا, كان من شأن كلمات حرية ـ عدالة ـ مساواة أن اجتذبت إلي صفوفنا على يد دعاتنا وعملائنا المسخرين, مَن لا يحصيهم عدّ من الذين رفعوا راياتنا بالهتاف. وكانت هذه الكلمات, دائما هي السوس الذي ينخر في رفاهية الغوييم ويقتلع الأمن والراحة من ربوعهم, ويذهب بالهدوء, ويسلبهم روح التضامن, وينسف بالتالي جميع الأسس التي تقوم عليها دول الغويا. وهذا ساعدنا أيضاً في إحراز النصر, على ما ترون من البيان بعد قليل: فمما أعطانا المُكْنة التي توصلنا بها إلى الورقة الرابحة, هو سحق الامتيازات, أو بتعبير آخر, نسف أرستقراطية الغوييم نسفاً كلياً تاماً, وقد كان أهل هذه الطبقة هم الوِقاء الوحيد للدفاع في وجهنا من وراء الشعوب والبلدان. وعلى أنقاض أرستقراطية الغوييم وارث محتدها القديم , بنينا أرستقراطية من طبقتنا المتهذبة الراقية, تتوّجها أرستقراطية المال. وجعلنا أوصاف أرستقراطيتنا مستمدة من نبعتين: المال, وهذا أمره يقع على عاتقنا, والمعرفة, وهذه تستقي من حكمائنا الشيوخ, وهذا منهم هو القوة الدافعة.

والظفر الذي بلغناه, قد جاء أيسر وأهون, لأننا في تعاملنا مع الناس الذين احتجنا إليهم, كنا دائما نضرب على أدق الأوتار حساسية في ذهن الإنسان, ومن جملة ذلك الدفع نقداً, واستغلال النهمة نحو المال, والشره إلى الحاجات المادية للإفساد, وكل واحدة من هذه النقائض الإنسانية, إذا عملت وحدها, كانت كافية لتشلّ نشاط الفرد كله, وتجعل قوة إرادته مطاوعةِّ ملبيةِّ, مستجيبةِّ للذي اشترى منه العمل.

وكان من شأن المعنى المجرد لكلمة "الحرية" أن عضَّدَنا في إقناع الدهماء في جميع البلدان أن حكوماتهم ما هي إلا حارس الشعب والشعب هو صاحب القضية, فالحارس يمكن تغييره وتبديله, كقفاز قديم نبذ وجئ بجديد.

وإنما هي هذه المُكْنة, مكنة تبديل ممثلي الشعب, ما جعل الممثلين طوع امرنا, وأعطانا سلطة تسخيرهم.



البروتوكول الثاني


الحروب الاقتصادية – أسس التفوق اليهودي – الحكومات الصورية و"المستشارون السريون" – نجاح التعاليم المدمّرة – المرونة في السياسة – الدور الذي تمثله الصحف – ثمن الذهب وقيمة الضحايا اليهودية

إن غرضنا الذي نسعى إليه، يحتّم أن تنتهي الحروب بلا تغيير حدود ولا توسع إقليمي، وينبغي تطبيق هذا ما أمكن. فإذا جرى الأمر على هذا قدر المستطاع، تحولت الحرب إلى صعيد اقتصادي وهنا لا مفرّ إن تدرك الأمم من خلال ما نقدم من مساعدات، ما لنا من قوة التغليب، تغليب فريق على آخر، ومن التفوق، ونفوذ اليد العليا الخفيّة. وهذا الوضع من شأنه أن يجعل الفريقين تحت رحمة عملائنا الدوليين الذين يملكون ملايين العيون اليقظة التي لا تنام، ولهم مجال مطلق يعملون فيه بلا قيد. وحينئذ تقوى حقوقنا الدولية العامة على محق الحقوق القومية الخاصة، في نطاق المعنى المألوف لكلمة حق، فيتسنى لنا أن نحكم الشعوب بهذه الحقوق تماما كما تحكم الدول رعاياهم بالقانون المدني داخل حدودها.

والأشخاص الذين نختارهم من صفوف الشعب اختيارا دقيقا ضامنا لنا أن يكونوا كاملي الاستعداد للخدمة الطائعة، لن يكونوا من طراز الرجال الذين سبق لهم التمرس بفنون الحكم والحكومة، حتى يسهل اقتناصهم والوقوع المحكم في قبضة يدنا، فنتخذ منهم مخالب صيد، ويتولاهم منا أشخاص أهل علم مكين وعبقرية، يكونون لهم مستشارين من وراء ستار، واختصاصيين وخبراء، وهؤلاء الرجال المختارون منا، يكونون قد نُشِّئوا منذ الصغر تنشئة خاصة، وأُهِّلوا لتصريف شئون العالم تأهيلا كاملا، ويكونون، كما تعلمون، قد مضى عليهم زمن، وهم يرتضعون معلوماتهم التي يحتاجون إليها، من مناهجنا السياسية ودروس التاريخ، ومن ملاحظة سير الحوادث وهي تقع على توالي الوقت. أما الغوييم فقد بَعُدَت الشقة بينهم وبين أن يكونوا قادرين على الاهتداء إلى الحكمة، بالملاحظة التاريخية غير المتحيزة، إذ جُلُّ ما تبلغ استنارتهم به هو الطرق النظرية على نمط رتيب، دون أن يتعمقوا في تسليط العين الفاحصة النافذة على مدار النتائج للحوادث. فليس بنا من حاجة، والحالة هذه، أن نقيم لهم أيّ وزن – فلندعهم في حالهم وما يشتهون ويحبّون، حتى تأتي ساعة اقتناصهم، أو يظلوا يعيشون على الآمال تنتقل بهم من مشروع خيالي إلى آخر، ويتباهون بذكريات ما سبق لهم التمتع به من لُبانات. وليبق هذا كله دورهم الرئيسي الذي يمثّلون. وقد نجحنا في إقناعهم بأن ما لديهم من معلومات نظرية، إنما هو من حُرِّ محصول العلم. وما دام غرضنا هو هذا، فدأبنا بواسطة صحفنا أن نرسّخ فيهم الاعتقاد بصحة ما يحملون من نظريات وآراء. أما أهل الفكر منهم، فينتفخون ازدهاء بما لهم من حظّ المعرفة، وتراهم، وهم غُفل عن الاستعانة بوضع التجربة على محك المنطق، يندفعون إلى وضع نظرياتهم موضع العمل، ولكن ما هو في نظرهم علم ومعرفة، إن هو في الواقع إلا ما عُنِيَ عملاؤنا الاختصاصيون بتصنيفه لهم بحذق ومهارة، وهُيئ هذا كله لتتنور أذهانهم به على الاتجاه الذي نريد.

إياكم أن تعتقدوا، ولو للحظة واحدة، أن ما أقول هو من الكلام القليل الجدوى: فما عليكم إلا أن تتفكروا في ما صنعنا لإنجاح النظريات الدروينية والماركسية والنيتشية. أما نحن اليهود، فما علينا إلا أن نرى بوضوح ما كان لتوجيهاتنا من أثر خطير في التلبيس على إفهام الغوييم في هذا المجال.

ولا بد لنا في منهجنا هذا، أن نأخذ بعين الاعتبار، ما عند الأمم من طراز فكر، وخلق، ونزعة، واتجاه. وإنما نفعل هذا لكي نحترز به من الانزلاق في معالجتنا السياسية والتوجيه الإداري، لا نعثر ولا نكبوا. وإن انتصار منهجنا، الموزعة أجزاؤه على مختلف المناحي توزيعا يصيب كل ناحية لما يؤاتيها منه، حسب أمزجة الشعوب التي تقع في طريقنا – أن انتصارنا المتوخِّي، قد يفشل ويحبط دون إدراك الغاية، إذا كان تطبيقنا للمنهج ليس مبنيا على الأحكام المستمدة من صفوة دروسنا الماضية، نطبقها على ضوء الحاضر.

ولا يخفى أن في أيدي دول اليوم آلة عظيمة تستخدم في خلق الحركات الفكرية، والتيارات الذهنية، ألا وهي الصحف. والمتعين عمله على الصحف التي في قبضتنا، أن تدأب تصيح مطالبة بالحاجات التي يفترض أنها ضرورية وحيوية للشعب، وأن تبسط شكاوي الشعب، وأن تثير النقمة وتخلق أسبابها، إذ في هذه الصحف يتجسد انتصار حرية الرأي والفكر. غير أن دولة الغوييم لم تعرف بعد كيف تستغل هذه الآلة، فاستولينا عليها نحن، وبواسطة الصحف نلنا القوة التي تحرّك وتؤثّر، وبقينا وراء الستار. فمرحى للصحف، وكفُّنا مليء بالذهب، مع العلم أن هذا الذهب قد جمعناه مقابل بحار من الدماء والعرق المتصبب. نعم، قد حصدنا ما زرعنا، ولا عبرة إن جلّت وعظمت التضحيات من شعبنا. فكل ضحية منا إنها لتضاهي عند الله ألفا من ضحايا الغوييم.

البروتوكول الثالث

الأفعى الرمزية ومغزاها – الاختلال في الموازين الدستورية – الإرهاب في القصور – وسائل القوة والمطمح – المجالس النيابية و"الثرثارون" من خطباء وكتّاب – سوء استعمال السلطة – العبودية الاقتصادية – أسطورة "حقوق الشعب" – نظام الاحتكار والأرستقراطية – جيش اليهودية الماسونية – تناقص الغوييم – المجاعات وحقوق رأس المال – الدهماء وتتويج الملك السيد على العالم كله – القاعدة الأساسية للتعليم في المدارس الأهلية – الماسونية في المستقبل – السر العلمي في حقيقة هيكل المجتمع وتركيبه – الأزمة الاقتصادية العالمية – ضمان الأمان لشعبنا – السلطة المطلقة في الماسونية وقيام المملكة التي يسودها العقل – لا قائد ولا مرشد – الماسونية والثورة الفرنسية الكبرى – الملك المتسلط المستبد من نسل صهيون – الأسباب التي تولي الماسونية المناعة فلا تقهر – الدور الذي يمثله عملاء الماسونية السرّيون – الحرية

بوسعي اليوم أن أعلمكم أن هدفنا قد تدانى واقترب، فلم يَبقَ بيننا وبين الوصول إليه إلا بضع خطوات، في مسافة قصيرة. وبنظرة إلى الوراء، ندرك أن الطريق الطويلة التي اجتزناها كادت تنتهي، ثم تقفل الأفعى الرمزية دورتها، وهذه الأفعى هي رمز شعبنا في قيامه بهذه المراحل. وعندما تغلق هذه الحلقة، تمسى الدول الأوروبية جميعا محصورة ضمن دائرتها، والأفعى قد تكورت من حولها كالكُلاّبة.

وإننا سنرى موازين الدساتير لأيامنا هذه عما قريب تنهار، إذ نحن أقمناها ونصبناها، وجعلناها على شيء من الخلل في تركيبها عَمدا، بحيث تبقى دائمة الحركة على مدارها، بين أن تشيل تارة وترجح طورا، لتذوب وتتلاشى مادتها في النهاية، كما يذوب بالتالي مدارها كله. وأما الغوييم، فهم تحت الاعتقاد الموهوم أنهم أحكموا وأحصفوا إقامة هذه الموازين، وراحوا يعلقون عليها الأهمية، وينتظرون حسن انتظام سيرها، لعلهم يدركون يوما ما يأملون. غير أن مدارات الموازين – الملوك الذين هم على العروش – هم في شغل عن ذلك لأنهم غدوا محوطين بزمر ممثلي الشعب ونوابه، وجعَلَ هؤلاء يرقصون للملوك على كل لحن يلذّ لهم، وتوزعت السلطة فوضى، ينتاشها كل فريق قدر استطاعته، والسلطة التي بيد هؤلاء الممثلين إنما وصلت إليهم عن طريق الإرهاب الذي بالتالي وصل زفيره إلى داخل القصور. وتقطعت الحبال التي ينبغي أن تكون الصلة بين الملك والشعب، فلا شيء بعد ذلك يصل بينهما. فبقي الملك على عرشه خائفا يترقب، يتوقع مداهمة البغتات من الطامعين في السلطة. ونحن قد أنشأنا برزخا يفصل بين السلطة العليا للدولة، وسلطة الشعب العمياء، فصار كل فريق في حيّز، وفقَدَ معناه وصار أمرهما كالأعمى قد حيل بينه وبين عصاه.

ولكي نحرّض طلاّب الوصول إلى السلطة على أن يَثِبوا إلى ما يشرهون إليه ويسيئوا استعماله، فقد حرّكنا جميع قوى المعارضة في مختلف جبهاتها، ليقوم هذا في وجه ذاك، ونفخا في كلّ منهم الروح التي تهزّه، فانطلقوا بنزعاتهم الليبرالية نحو طلب الاستقلال. وإيقاعا للإخلال، ولا مهرب، فقد جارينا كل فريق وما يهوى، وسلّحنا جميع الأحزاب، وجعلنا الوصول إلى السلطة الغرض المقدس فوق كل شيء. وأما الدول، فاتخذنا من منازعتها حلبة صراع حيث يشتد التصادم والاقتتال. ولن يمضي بعد هذا إلا القليل من الوقت حتى العالم أجمع يأخذ يتخبط في الفوضى والإفلاس.

واتخذ طلاب الوصول، وهم أكثر من أن يُحصوا، من قاعات البرلمانات والمجالس الإدارية العالية، ساحات ومنابر للخطابة الرخيصة. وكثر الصحافيون المحترفون وأصحاب الأقلام الذين يعيشون على حرفة التحرش والوقيعة، ودأبهم أن يطرقوا كل يوم أبواب السلطة التنفيذية للأجر والمكافأة. واتسع شيوع المخازي من سوء استعمال صلاحيات الوظائف اتساعا يدلّ على أن مؤسسات الدولة بأصولها وفروعها، قد تهيأت ونضجت لتعصف بها الرياح المقبلة، فيثور الشعب برعاعه ودهمائه، ويجعل عالي الأمور سافلها.

وترى الشعب الآن قد نهشته أنياب الفقر، فصار في عبوديته أسوأ من عبودية رقّ الرَّقَبة ورق الأرض من قبل، وأمره مغلق. أما العبودية القديمة، فقد كان أمرها أهون، إذ يستطيع الشعب التحرر منها بوسيلة ما، أمّا من هذا الفقر المدقع المحيط به، فلا أمل له في النجاة، وقد جعلنا الدساتير تنص على الحقوق نصا صريحا، وهي ما يسمى بحقوق الشعب. وأما الشعب نفسه، فإنه لا يناله من هذا شيء، وهو لا يجد هذه الحقوق إلا خيالا وسرابا، ويوقن العامل الكادح أن لا جدوى له من تلك النصوص الفارغة والخطب الجوفاء في القاعات، إذ يدور حول نفسه، فإذا به باقٍ على الطوى يعاني الشدائد، ولا يصيبه أيُّ خير من الدستور ونصوصه، إلا ما يتساقط عليه من فُتات الموائد في مواسم الانتخابات العامة، لينتخب المرشح الذي يُملي عليه اسمه من قِبَل عملائنا. والحقوق التي ينالها في بلاد الحكم الجمهوري ليس له منها إلا المرارة، وهي لا تخفف من أعبائه شيئاً، بل تسلبه من الناحية الأخرى جميع الضمانات التي تكفل له بعض الأجور المنتظمة، وتجعله يلجأ إلى الإضرابات مع رفاقه، أو تراه موقوفاً محجوزاً عليه بأمر سادته.

والشعب بإرشادنا قد محا الطبقة الأرستقراطية التي كانت تدافع عنه وتحميه لمنفعتها منه إذ مصالحهما مشتركة. ونرى الشعب اليوم بعد نسفه الطبقة الأرستقراطية، قد أطبَقَت على مخنقه أيدي صغار المرابين يمتصونه امتصاص العَلَق، فاسترقّوه وقيدوه.

فنأتي نحن الآن بدورنا، ونظهر على المسرح مدّعين حبَّ إنقاذ العامل الفقير مما هو فيه من بلاء. فندعوه أن ينتظم في صفوف جندنا المقاتل تحت لواء الاشتراكية الفوضوية والشيوعية، وأما حملة هذه الألوية فمن دأبنا أن نساعدهم اتباعاً لقاعدةٍ أخويةٍ مزعومة وهي تضامن الإنسانية، وتلك من قواعد الماسونية عندنا. أما الطبقة الأرستقراطية التي يوليها القانون الوسيلة لتستثمر تعب العمال البائسين، فإنها أمست الآن مرتاحة قريرة العين، إذ ترى هؤلاء العمال قد اكتسوا، وردَّت إليهم العافية في أبدانهم. هذا، بينما خطتنا نحن، على النقيض من هذا تماماً: أن تسود الفاقة، ويتناقص كيان الغوييم. وآلتنا تكون قوية، إذ استحكمت حلقات المجاعة وأزمنت، وحلَّ الهُزال بالعامل، فيكون معنى هذا كله أن العامل أصبح في الطريق إلى أن يمسي مستعبداً لإرادتنا، وهو يعلم أنه لن يجد في حكومته المُكنة ولا الطاقة ولا الهمة ولا العزم، ليقف شيء من ذلك في طريقنا. والجوع يخلق لرأس المال الحق ليتحكم بالعامل تحكماً ما مارست مثله الطبقة الأرستقراطية في أيامها، حتى ولو كان الملوك من ورائها يُمِدُّونها بسلطة القانون.

وبالفاقة، وما تولِّده وتفرّخه من حسد وبغضاء، نستطيع أن نهيج الدهماء ونحوّل أيديهم إلى سلاح يدمّرون به ما يكون في طريقنا من عقبات. ومتى ما دقت الساعة منذرة بمجيء مولانا الملك، ملك العالم كله، ليعلو التاج مفرقيه، ستكون هذه الأيدي العمالية نفسها، هي الأيدي التي تزيل من الطريق كل عقبة.

ونرى الغوييم قد فقدوا صحة التفكير كأنهم في ضلال، إلاّ إذا أيقظتهم مقترحات الاختصاصيين منا، فهم أقصر نظراً من أن يروا ما نرى نحن، من الضرورة التي تقضي بأحداث ما سَنُحدث يوم تقوم مملكتنا، وأول ذلك، وهو بالغ الخطورة، إدارة التعليم في المدارس الوطنية الأهلية، بحيث يقتصر على تعليم عنصر واحد بسيط من عناصر المعرفة، وهو أسّ المعارف كلها: كيف يتركب كيان الحياة الإنسانية، والكيان الاجتماعي. وهذا يقضي بتقسيم العمال إلى فئات، وبالتالي تقسيم الناس إلى طبقات، ولكل طبقة أوضاعها، ويكون من الضروري أن يعلم الجميع أنه بسبب اختلاف الغايات من النشاط الإنساني، لا يمكن أن تكون هناك مساواة. ولا يستوي اثنان في ميزان واحد: فإن الذي يعمل عملاً تتأثر بنتائجه طبقةٌ بكاملها، ليس على استواء أمام القانون مع الذي يعمل عملاً لا يتأثر بنتائجه إلاّ هو نفسه، صانع العمل، وحده، وسيكون من شأن المعرفة الصحيحة لتركيب بنية المجتمع، وعلى أسرار هذا لا نطلع الغوييم، أن تظهر لجميع الناس أن العمل وما يلزمه من وضع، كل ذلك يجب أن يضبط ضبطاً ضمن حدود معينة، حتى لا يبقى بعد ذلك سبب يجر الإنسانية إلى الشقاء، مما يؤدي إليه التعليم الحالي الذي لا يتفق مع العمل الذي يطلب من الإفراد القيام به. وبعد الإحاطة الوافية بهذه المعرفة، سيبادر الناس من تلقاء أنفسهم إلى طاعة السلطة وقبول الأوضاع التي تعينها لهم الدولة. أما قيمة المعارف في الوقت الحاضر، وما أعطيناه من إرشاد لتوجيهها، فظاهرٌ في أننا نرى الشعب الذي يصدّق كل ما تقع عليه عينه في الصحف والكتب يبطن الكراهة العمياء لأي وضع يراه أعلى من وضعه الحالي، وسبب هذه الكراهة ناشئ عن عدم فهمه شيئاً من معنى الطبقة، ولا من معنى الوضع اللازم لها، وهو مخبول في أمره، بما نلقي إليه من تلقين يضلّله، ويزيد من جهالته.

وهذه الكراهة ستبلغ أمداً أبعد، إذا ما هبَّت عليها رياح أزمة اقتصادية تجمِّد التعامل في البورصات، وتشل دواليب الصناعة، وإننا بالوسائل السرية التي في أيدينا، سنخلق أزمة اقتصادية عالمية لا قِبَل لأحد باحتمالها، فتقذف بالجموع من رعاع العمال إلى الشوارع، ويقع هذا في كل بلد أوروبي بوقت واحد. وهذه الجموع ستنطلق هازجة إلى الدماء تسفكها بنهمة وقَرَم، هي دماء الطبقة التي يكرهها العمال من المهد، وتنطلق الأيدي في نهب الأموال ويبلغ العبث أمده الأقصى.

أما أموالنا نحن، فلن يمسها العمال، لأننا نكون واقفين على مواقيت حركاتهم وسكناتهم، فإذا ما حاولوا أن يتوجهوا نحونا، عرفنا كيف نصدّهم ونحمي جهتنا من عدوانهم.

وقد بينَّا من ناحيتنا أن التقدم المادي من شأنه أن يجعل الغوييم يثوب إلى حكم العقل ويستظل بظله. وهذا بعينه ما ستفعله سلطتنا المستبدة. فهي تعلم كيف أنها تستطيع بالقسوة الحكيمة العادلة أن تستأصل جذور الاضطراب وتسكّن هائجه، وأن تتناول الليبرالية بالكيّ لتبرأ من علتها، ولا تتناول بالكي غيرها من المؤسسات.

وإذا ما رأى سواد الشعب، بطبقته العامة، أنَّ جميع الامتيازات التي كانت للطبقات الأخرى قد زالت، كما زال أيضاً ما كانت عليه تلك الطبقات من هوى وانغماس، فإنه يَلِجَ باب الاعتقاد أنه هو صائر سيداً مطاعاً، ولكنه يبقى سراً لا يعلم أنه هو، وقد نَسَف بيته بيده، أمسى كالأعمى الذي واجهه ركامٌ من حجارة فعثر، وكلما حاول أن ينهض عاد فعثر ثانية، فراح يستنجد بمن يكشف له الطريق فازداد بلبلة، وغاب عنه أن الأولى به أن يعود إلى الوراء، إلى وضعه السابق. وفي النهاية يستسلم بجميع ما لديه تحت أقدامنا. تذكروا الثورة الفرنسية التي نحن أطلقنا عليها نعب الكبرى، فإن أسرار تدابيرها عندنا لأننا نحن صنعنا ذلك بأيدينا.

ولم نزل منذ الثورة الفرنسية نقود الشعوب ونحررها من طلاسم الشعبذات، وفي النهاية ستتحول الشعوب عنا أيضاً التفاتاً إلى الملك – المتسلط من سلالة صهيون، وهو الذي نُعِدّ ونهيئ للعالم.

ونحن اليوم بصفتنا قوةً دوليةً فلا نغلب، لأنه إذا هاجَمَنا فريق انتصر لنا فريقٌ آخر. والمسألة مسألة خسّة في شعوب الغوييم مما لا حدّ له. وهذه الشعوب تزحف على بطونها نحو القوة، ولكنها لا تعرف الرحمة أمام الضعيف، ولا العفو عن المخطئ، وهي شديدة الانغماس في الإجرام، وليس لها طاقة لتحمل المتناقضات في نظام اجتماعي حر، ولكنها صبور على الاستشهاد بين يدي متسلطٍ عاتٍ جريء – وهذه الصفات هي ما يساعدنا نحو إدراك الاستقلال. وإذا نظرنا إلى الغوييم من أول قيام المستبدين المتسلطين في الأرض حتى هذه الساعة، نجدهم قد تحملوا العذاب وطاقوا من الجراحات ما كان جزء قليل منه يكفي للإطاحة بعشرات من رؤوس الملوك.

فبماذا تُفسِّر هذه الظاهرة، وهذه الأحوال التي يطابق عليها العقل، أعني وقوف هذه الشعوب مواقف متناقضة من الحوادث التي هي من جنس واحد؟

لا يُفسَّر هذا إلا بالمُشَاهَد الواقع، وهو أن المتسلطين على هذه الشعوب يهمسون في آذانها بواسطة العملاء أنهم ما أتوا من كبائر إلا لغاية عظيمة، وهي إنزال الضربة الكبرى بالدولة التي نهكتهم، وهذه هي الخدمة الفضلى لمصالح الشعوب، والذود عن الأخوة الدولية التي هم فيها على صعيد واحد، وإقامة التضامن والمساواة. وطبعاً، لا يقول المتسلطون للشعوب ما هو الحق، وهو أن توحيد الناس على ما يشيرون إليه، لا يمكن أن يحقَّق إلا في عهد ملكنا السيد المستقل.

فالشعوب كما ترون، تجرّم البريء وتطلق المجرم. وتظل على مزيد من الاعتقاد أنها تستطيع أن تفعل ما تشاء. وشكراً لهذه الحال: فالشعب يدمّر كل شيء وطيد ثابت، ويخلق الاضطراب في كل خطوة يخطوها.

فكلمة حرية تجرّ الجماعات إلى مقاتلة كل قوة وتسلط، حتى أنها لتقاتل الله وتقاوم سننه في الطبيعة. ولهذا السبب نحن متى ما أقمنا ملكنا، سنمحو هذه الكلمة من معجم الحياة، لأنها توحي بمبدأ القوة الغاشمة التي تجعل الدهماء عطاشاً إلى الدماء كالحيوانات.

ومن طبيعة هذه الحيوانات حقاً أنها تأخذها سِنَةُ النوم إثرَ كل مرةٍ تجرع فيها كأساً دهاقاً من الدم، وبينما هي كذلك مستكنّة، يسهل وضع القيد في أرجلها، ولكن إذا لم يتسنّ لها شراب الدم فلا تنام، وتبقى آخذة بالعراك.

البروتوكول الرابع


الأدوار التي تجتازها الجمهورية – الماسونية الأممية عند (الغوييم) – الحرية والإيمان – المنافسة الدولية الاقتصادية – دور المضاربات -عبادة الذهب

كل جمهورية لا بد لها أن تجتاز عدة أدوار في حياتها. الأول يتضمن أيامها الأولى بعد قيامها، وهنا تبرز عناصر الهوج والجنون، وتَسُود يد الهمج والرعاع، يتمايلون بالعهد يمنة ويسرة تمايل الثمل. والثاني، تبرز فيه أوشاب الشعب، التي تتبع كل ناعق يقوم فيها داعياً محرضاً، وهنا العشّ الذي تخرج منه الفوضوية وتأخذ بالدبيب. وهذا في مآله ظهور المستبد المتسلط – ولا شرعية يستند إليها ولا يعمل في وضح النهار، ومع هذا فهو متسلط – يحمل تَبِعة، ومسؤولٌ أيضاً، لكنه مسؤول إلى قوة خفيَّة غير منظورة، أو إلى منظمة سرية، تديره من وراء حجاب، وهذه تخبط على ما يحلو لها بلا وازع ولا رادع، لأنها تعمل في الخفاء, مستترةً وراء العملاء الذين يتبدلون، وتبدّلهم ليس منه أذى، بل يساعد القوة الخفية من باب التوفير المالي فيرفع عنها نفقات جزيلة كانت تؤدَّى مكافآت على خدمات طويلة عريضة، ثم يتبدل هذا بغيره ويجري الأمر دواليك شوطاً بعد شوط.

فمن ذا الذي يكون في وضع مؤآتٍ، أو ما هي الناحية التي تلابسها أوضاع مؤآتية، لنسف هذه القوة الخفية؟ هذا كله حاصل لنا نحن، ومن يستطيع نسف تلك القوة الخفية؟ هو نحن. والماسونية الأممية، (الغوييم) تخدمنا خدمةً عمياء، بأن تكون ستاراً لنا نحتجب من ورائه نحن وأغراضنا وصور خططنا، لكن مخططنا المعدّ للعمل مع التنفيذ، يبقى هذا كله على طبيعته كما يبقى المكان الذي يوجد فيه، سراً عميقاً لا يطلع عليه أحد.

والحرية في الموطن الذي ذكرناه الآن، لا تكون ضارَّة، ويمكن أن تجد لها محلاًّ في اقتصاد الدولة، دون أن يسبب ذلك أيّ أذى للناس في رفاهيتهم، وذلك الموطن هو أن تقوم الحرية على أساس الإيمان بالله وأخوة الإنسانية، غير متعلقة بعقيدة المساواة، وهي العقيدة التي تنفيها نواميس الكون، وهذه النواميس أوجبت وقوع التباين في المخلوقات، بالخضوع والاتباع. فإذا ساد الإيمان بالله، فيمكن أن يحكم الشعب، بأن تقسم الأرض إلى أقاليم، وعلى كل إقليم راعيه الوصيّ، فيسير الشعب راضياً قنوعاً تحت إرشاد الراعي الروحي، إلى ما فيه مشيئة الله على الأرض، وهذا هو السبب في أنه من المحتَّم علينا أن ننسف الدين كله، لنمزق من أذهان الغوييم المبدأ القائل بأن هناك آلهاً رباً، وروحاً، ونضع موضع ذلك الأرقام الحسابية والحاجات المادية. ولكي لا نعطي الغوييم وقتاً للتفكير والرويًّة، فيجب تحويل أذهانهم إلى الصناعة والتجارة. وبهذا، تُبتَلع جميع الأمم وهي مشغولة بالانسياق وراء الكسب والغنم، فتلهو بما في أيدينا، ويصرفها ذلك عن الالتفات إلى من هو في نظرها العدو المشترك. ونقول مرة أخرى، أنه من أجل أن نرى الحرية قد سببت ملاشاة الغوييم إلى آخر أثر، يجب أن نضع الصناعة على قواعد التنافس والمزاحمة. ونتيجة ذلك أن ما يسحب من البلاد بالصناعة، ينزلق ويتسرب إلى الأيدي ويمضي إلى المضاربة، ونهايته بعد ذلك إلينا، فيستقرّ في حيز طبقتنا نحن.

والصراع العنيف في طلب التفوق والغلبة، والهزَّات التي تصيب الحياة الاقتصادية، كل ذلك سيَخلق، كلا، بل خلق الآن، جماعات وطوائف من الناس ذاهلة، تعروها البرودة، وكأن أفئدتها قد تهاوت وفرغت. وهذه الجماعات سيطرأ عليها ما ينمّي في نفسها المقت للجو السياسي الذي فوقها، وللدين. فلا يبقى لها من سلوى إلاّ أن تغتبط بجمع المال والكسب، أعني الذهب الذي ستعبده، وتفنى في سبيله، من أجل أن تنال به ما تبتغيه من حاجات محسومة. ثم تدق الساعة، فإذا بالطبقات السُفلى من الغوييم تنضوي إلى قيادتنا في الزحف لتحطيم خصومنا المشرئبين إلى السلطة، وهم أهل الفكر في الغوييم، فيرون في هذا الدور النهاية. والدافع لتلك الطبقات السفلى في الاستجابة لنا، لا إحراز الغنائم، ولا جمع المال، بل للثأر من تلك الطبقة الفكرية التي حانت الآن ساعتها لتلقى المصير الذي ينتظرها.

البروتوكول الخامس


إنشاء حكومة مركزية ضخمة – وسائل القبض على أزمّة السلطة بواسطة الماسونية – الأسباب التي من أجلها يستحيل وقوع الاتفاق بين الدول – دولة اليهود التي تقوم عن سابق اختيار من الله – الذهب: هو من الدول كالمحرّك من الأجهزة الآلية – ما للانتقاد والتجريح من بالغ التأثير في التهديم والتقويض – إقامة "المَعَارض" فتنة في مظاهرها – ما لصناعة "غزل الكلام" من تأثير في التفتيت – كيف يُقبض على أعنّة الرأي العام – أهمية نشاط الفرد – الحكومة العليا في العالم

ما هو شكل الحكم الإداري الذي ينبغي أن يُعطي إلى جماعات قد استشرى فيها الفساد، وتغلغل في كل جنباتها؟ جماعات، المال لا يدور فيها إلا بوسائل أشبه بالاحتيال، وهو أقرب إلى الاختلاس، مجتمعها مسترخي الزمام، منحلّ الضابط، الآداب العامة فيه لا تُحفظ إلا بأن يكون قانون العقوبات متسلطاً فوق الرؤوس، والتدابير الصارمة على طرف الثمام، ولا رعاية للأخلاق طوعاً من وازع النفوس، إذ هنا الشعور نحو الدين ومسقط الرأس قد محته معتقدات مستبضعة من أسواق عالمية. وأيُّ شكل من الحكم ينبغي أن يطبَّق على هذه الجماعات سوى الحكم المطلق الذي سأصفه لكم؟ فإننا سننشئ نظاماً ضخماً لحكومة مركزية واسعة، حتى يتسنى لنا القبض بأيدينا على جميع الأعنَّة. وسنضبط ضبطاً محكاً مسارب نشاط الحياة السياسة لرعايانا بقوانين جديدة لم يعرف مثلها من قبل. ومن شأن هذه القوانين أن تزيل كل الإباحيات والحريات المطلقة مما أجازه الغوييم لنفوسهم، وبهذا ستتميز مملكتنا بسلطة مطلقة فريدة، رائعة الأوضاع والتقاسيم، وعلى استعداد في أي زمان ومكان لأن تجرف أيَّا كان من جنس الغوييم ممن يعارضنا لفعل أو قول.

وسيقال لنا أن هذه السلطة المطلقة لا تتمشى وتقدم هذا العصر الذي نعيش فيه، ولكني أبرهن لكم على أنها تتمشى ولا غبار عليها.

ففي الزمن الغابر، لمَّا كانت الشعوب تنظر إلى الملوك المتبوئة العروش، كأنها تنظر إلى من تجلت فيه إرادة الله، كانت تلك الشعوب وقتئذٍ خاضعة للسلطة المطلقة التي للملوك، بلا مناقشة ولا حراك. لكن منذ أخذنا نحن نُشرِب عقول الشعوب عقيدة أنَّ لهم حقوقاً، شرعوا تعتبرون الجالسين على الأرائك بشراً وقوماً عاديين يأتي عليهم الفناء كسائر الناس. والزيت المقدس الذي مُسِحَ به رأس الملك الذي هو ظل الله على الأرض، زيتٌ عادي غير مقدس في عيون الشعب، ولما سلبناهم إيمانهم بالله، فإذا بجبروت السلطة يُرمي به إلى الشوارع حيث حق التملك هو حق الجمهور، فاقتنصناه نحن.

وفوق ذلك، فإن فن توجيه الجماهير والأفراد بوسائل تُتقِن إلقاءَ النظريات وإشباعها بكثرة الكلام حولها، مما يرمي إلى ضبط مدار الحياة المشتركة بهذا وغيره من الحيل التي لا يعرف الغوييم من اكتناه أسرارها شيئاً - إن هذا الفن، عندنا نحن أربابه الاختصاصيون الذين تلقّوا أصوله من ينابيع أدمغتنا الإدارية، فهؤلاء الاختصاصيون قد نشأوا على التمرس بالتحليل والملاحظة، ومعاناة حصر الدقائق في القضايا الحساسة الرفيعة، وفي هذا المضمار ليس لنا ندّ ولا نظير في رسم المخططات للنشاط السياسي ومعالجة المسؤوليات. وفي هذا المجال لا يضاهينا أحدٌ إلا الجزويت، لكننا نحن قد ابتدعنا من الطرق ما يصلح لإسقاط هيبتهم عند الدهماء وسواد الناس الذين لا يفكرون إلا سطحياً، وإنما تمكنا من الجزويت لأن مؤسستهم مكشوفة، بينما نحن استطعنا أن نبقي أجهزتنا السرية مغطاة محجوبة كل الوقت. وعلى كلٍّ، فالعالم قد لا يبالي شيئاً بمن يتبوأ عرشه، أهو رأس الكثلكة أم المتسلط الذي يَظهر منا منحدّراً بدمه من صهيون! هذا من جهة العالم، أما من جهتنا نحن فهذا الأمر يهمنا جداً، فإننا الشعب المختار، والمسألة تقتضي منا كل المبالاة.

وإذا قام في وجهنا غوييم العالم جميعاً، متألبين علينا، فيجوز أن تكون لهم الغلبة، لكن مؤقتاً. ولا خطر علينا من هذا، لأنهم هم في نزاع فيما بينهم، وجذور النزاع عميقة جداً إلى حد يمنع اجتماعهم علينا يداً واحدة، أضف إلى هذا أننا قد فتنّا بعضهم ببعض بالأمور الشخصية والشؤون القومية لكل منهم. وهذا ما عنينا بديمومته عليهم وتنميته مع الأيام خلال العشرين قرناً الأخيرة، وهذا السبب الذي من أجله لا ترى دولةً واحدة تستطيع أن بجدَ عوناً لها إذا قامت في وجهنا بالسلاح، إذ كل واحدة من هذه الدول لا تنسى أن تعلم أن الاصطفاف ضدنا يجرّها إلى الخسارة. إننا جد أقوياء، ولا يتجاهلنا أحد، ولا تستطيع الأمم أن تبرم إي اتفاق مهما يكن غير ذي بال، إلا إذا كان لنا فيه يد خفية.
Per me reges. >It is through me that kings reign<.
مني يستمد الملوك سلطتهم.
وجاء على لسان الأنبياء أننا نحن اختارنا لله لنحكم الأرض كلها. والله منحنا العبقرية لنضطلع بهذا العبء. ولو كانت العبقرية في المعسكر الآخر لبقيت حتى اليوم تناهضنا. وإذا جاءنا قادمٌ فلن يكون لنا ندّاً، ونحن من قبلُ أثبت قدماً، والمعركة إذا وقعت فستكون ضارية بيننا وبينه على ما لم ير العالم له مثيلاً في عهد مضى. وإذا افترضنا أن فيهم موهبة العبقرية (الغوييم) فقد جاءتهم متأخرة جداً. وكل دواليب الأجهزة للحكومات تحتاج إلى محرّك، وهذا المحرك بأيدينا وهو "الذهب"، وقد كان من شأن علم الاقتصاد السياسي أن رفع من شأن رأس المال، ومعلوم أن وَضع هذا العلم وتقريره يعود الفضل في ذلك إلينا.

ورأس المال، إذا كان يراد به أن يساهم بالتعاون وهو غير مقيد، فيجب أن يكون حراً طليقاً، ليتمكن من إنشاء الاحتكار في الصناعة والتجارة، وهذا ما قد صنعته يد خفيّة في جميع العالم. ومن شأن هذه الحرية لرأس المال أن تُمِدّ الذين يعملون في الصناعة بالطاقة السياسية، وهذا يؤول إلى التمكن من أخذ الشعوب بالضبط والمقادة. وفي أيامنا هذه، بكون الأمر أهم وأوزن لدينا، إذا عملنا على أن ننزع سلاح الشعوب لا أن نسوقها إلى الحرب، بل وأعظم من ذلك لنا، أن نستغلَّ لمصالحنا انفعالَهَا العاطفي المشتعل، بدلاً من إطفائه، وأن نستولي على تيار الأفكار والآراء، ونترجمه على ما يناسبنا بدلاً من مكافحته ومحاولة استئصاله. فالغرض الرئيسي لقيادتنا هذه قاعدته: أن نُخمِل الذهن العام ونَضنِيه بالنقد والتجريح، وأن نَحِيد به عن طريق التفكير الجدّي الرصين، التفكير الذي يؤدي بالنهاية إلى مقاومتنا، وأن نصرف نشاط الأذهان عن تلك الوجهة ونأخذ بها حيث تقام معارك صورية، سلاحها الخطابة ومصطنع البيان.

وفي جميع العصور نرى شعوب العالم، من جماعات وأفراد، تنام على الكلمة التي تسمعها ثم لا يهمها بعد ذلك من التنفيذ شيء. وعلة هذا في تلك الشعوب أنها تقنع من الشيء بمظهره، وتأخذها صورة العَرَض، وقلما تتوقف لتتأمل، وتلاحظ في مجرى الحلبة العامة، هل تقرن الوعود بالتنفيذ. لذلك تروننا أننا سنعني بإقامة مؤسسات المعارض التي تفيدنا في هذا الباب فوائد كبيرة.

وسننتحل لأنفسنا الصفة الليبرالية التي تجمع سمات جميع الأحزاب والجهات، ثم نجعل معاني ذلك كله تجري على ألسنة خطباء إذا تكلموا راحوا يُشبِعون الموضوع ويدورون من حوله حتى يملَّ السامعون ويضجروا، ويأخذوا بالضجيج.

ولكي يتسنى لنا الاستيلاء على الرأي العام يجب علينا أن نرميه بما يحيّره ويخرجه عن طوقه، وذلك عن طريق جَعل إبداء الرأي العام حقّاً شائعاً مفتوح الباب للجميع، ليلقي كلٌ بدلوه في الدلاء. فتتناقض الآراء ويشتدّ التشاحن، ويطول الحال والمقال، والناس في كل ذلك متضاربو النزعة، ثم يُنادي منادٍ: إنَّ أولى ما يُصنع للخروج من هذا المأزق الحرج، أن يترك النقاش ويقلع عنه، ولا خوض في القضايا السياسية لأن جمهور العامة لا يفقه من لباب هذا شيئاً ولا يحسن وعيه، فمن الصواب أن مثل هذه الشؤون تُردُّ إلى المسؤولين العارفين بها، يتدبرونها على ما يرون. هذا هو السر الأول.

والسر الثاني المشترط لنجاح حكومتنا المقبلة هو هذا: نكثر من مصنوعات الأشياء، شتى متنوعة، ونجعلها تَرِدُ موارد غزيرةً فياضةً من كل جنس: الفشل في المشروعات الوطنية، إفشاء العادات الجديدة، إيقاد العواطف، الاستثارة والاستفزاز، التبرم من شؤون الحياة، وذلك لكه حتى يغدو من المستحيل على أيّ شخصٍ أن يعلم أين هو من هذا المعترك الذي خاض فيه كل حابلٍ ونابل، وعَمِىَ الاختلاط. وإذا بالناس قد استغرقتهم البلبلة، ولا يفهم بعضهم بعضاً. وهذه الطريقة تفيدنا أيضاً من ناحية أخرى: الإفساد بين الأحزاب، وتفريق القوى المجتمعة على غرض ولا تزال تأبى الانصياع لنا، وأخيراً عرقلة نشاط أي شخصٍ يقف في طريقنا. وليس هناك ما هو أضرّ من نشاط الأفراد بصفتهم المستقلة الشخصية، فهؤلاء، إذا كان وراءهم مادة العبقرية، فيبلغ نشاطهم من الضرر بنا مبلغاً تقصر عنه الملايين من الناس الذين مزقنا كلمتهم. وعلينا أن نعني بتوجيه التعليم في مدارس جماعات الغوييم توجيهاً دقيقاً، فَيُلقَى في الأذهان أنه متى ما جيء على مسألة عويصة تحتاج إلى كدّ الذهن تنقيباً واجتهاداً، فالأولى تركها واجتيازها إلى ما هو أهون منها وأيسر، فيتولاها من هو أهلٌ لها. والضنى الفكري الذي يحصل للفرد من كثرة حرية العمل، ينسف ما فيه من القوى الذهنية عندما تصادم حريته حرية شخص آخر. وينشأ عن هذا الاصطدام رجَّاتٌ خلقيةٌ نفسيةٌ عنيفة، وذهول، وشعور بالفشل. وبهذه الذرائع كلها، سنفتّت وجود الغوييم، حتى يُكرَهوا على أن يسلّموا لنا ما به تقوم القوة الدولية في العالم على أوضاع تمكننا بلا عنف، ورويداً رويداً من أن نبتلع طاقات الدول، ثم نخطو بعد ذلك إلى الأمام فننشئ الحكومة العالمية العليا، وسيكون لهذه الإدارة عون واسع من الأيادي التي تمتدُّ إلى البلدان كلها وتعلق بها كالكماشة. وأما أجهزة هذه الإدارة فستكون بالغة العظمة حتى تلقي ظلها على جميع أمم الأرض.

البروتوكول السادس


الاحتكارات: وعليها ثروات الغوييم – انتزاع الثروة العقارية من أيدي الطبقة الأرستقراطية – التجارة والصناعة والمضاربات – الترف والبذخ – رفع مستوى الأجور العمالية وزيادة مستوى أسعار الحاجيات الضرورية – نشر أسباب الفوضوية وإدمان الخمرة – المعنى السري للدعاية تبثها نظرياتنا الاقتصادية

سنشرع دون تأخر في إنشاء أجهزة احتكارية ضخمة، وحشد الثروات وتجميع الأموال، ليكون كل ذلك محصوراً بأيدينا، وقد أمسى قوةً مرهوبة، وفي الوقت نفسه تكون هذه القوة هي المسيطرة على الكبير الوافر من ثروات الغوييم، وهذه موقوفةٌ حياتها على قوتنا إلى حد أن تلك الثروات ستهبط إلى القاع جارَّةً وراءها أرصدة الغوييم، في اليوم الذي يكون مضروباً لإنزال ضربتنا السياسية القاصمة.

وأنتم أيها السادة الحضور هنا، وكلكم رجال اقتصاد، بوسعكم أن تتصوروا بعين العقل ما يكون لهذه القوة الاحتكارية، التي مضاؤها كمضاء السيف، من خطورة حاسمة.

ويجب علينا أن نبذل جهدنا بكل طريقة ممكنة لتوسيع نطاق هيبة الحكومة العالمية العليا، والإعلاء من شأنها، وذلك بتصويرها أنها ما قامت إلاّ لحماية الدول التي تنضوي إليها وتستظلّ بظلها، وهي منبع الخير والعون لتلك الدول.

أما أرستقراطية الغوييم من جهة كونها قوةً سياسية، فتكون قد أُدرجت في أكفانها - فلا ينبغي لنا أن نأخذها بحساب. ولكن يبقى من أمرها خطرٌ واحدٌ علينا، من ناحية كونها تمثّل طبقة أرباب الثروات العقارية من أرض وبناء، ووجه هذا الخطر، أن تلك الطبقة تبقى في تدبير معايشها معتمدةً على الدخل الذي تجنيه من ريع أملاكها هذه، وهذا الريع يكفيها مؤونة حياتها. فعلينا بكل حال أن نحرمها هذه الأملاك. وإنما يتمُّ تحقيق هذه الغاية بأفضل وجه، بزيادة الضرائب والتكاليف المرتبة على العقار والأرض زيادةً تجرُّها إلى الديون المُغرقة المُبهظة، ثم يكون من شأن هذه التدابير أنها تحدّ من نشاط التملك وتجعله مُعَرقلاً فينصاع الغوييم لنا مستخذين لتوجيهنا وآرائنا.

ولما كانت أرستقراطية الغوييم غير معتادة بحكم أساليبها القديمة الموروثة، أن تقنع بالقليل من الخير، ودأبها الطمع فيه والاستكثار منه، فسيضطرب أمرها أيَّ اضطراب يُخرجها عن طورها لعدم قدرتها على تحمل العوز والقلة، فتنادي بالويل والثبور. فيجب علينا في هذا الوقت نفسه أن نكون أصحاب الهيمنة على أوسع نطاق ممكن، على التجارة والصناعة، وبصورة خاصة على أسواق المضاربات، إذ المضاربات هي الإدارة التي تهبُّ في وجه الصناعة فتشلّها، وعدم وجود الصناعات بلا مضاربات، من شأنه أن يجعل رؤوس الأموال التي في الأيدي الخاصة تنمو وتزدهر، فيفضي ذلك بالزراعة إلى الانتعاش عن طريق تحرر الأرض والأملاك من ربقة الديون للمصارف العقارية. وما تحتاج إليه حقاً في هذا الموطن، هو أن تكون الصناعة سبب تجفيف الأرض من العمال ورأس المال. فإذا جرى الأمر على ما نخطط، وانتهى إلى غايته، انساقت إلى أيدينا أموال العالم فخزنَّاها نحن وحدنا، ثم نحوّل الغوييم جميعاً إلى وضع الصعاليك الكادحين (البروليتارية). وإذا بالغوييم يجثو أمامنا صاغراً، وإذا لم يكن من سبب لذلك إلاّ حق البقاء المجرد، لكفى.

ولكي يتم مخطط نسف الصناعات، فإننا سنأتي بما يعزز هذا الأمر ثم ندعه ينطلق في سبيله يعمل عمله، فَنُعنى بنشر الوسائل المغرية بالترف وعبادة الأناقة بين الغوييم، ونشوّقهم إلى هذا الطور، ونزين لهم ملذاته وأطايبه، إذ نهمة هذا الاتجاه إذا استحكمت حلقاتها، فلا تبقى ولا تذر. وستعلى مستوى الأجور العمالية، ولكن لا خير من هذا يصيبه العمال، لأننا في الوقت نفسه سنعلي أيضاً مستوى الأسعار للحاجات الضرورية التي تعمّ بها البلوى، مُدَّعين وزاعمين أن هذا كله ناشئ عن جمود الزراعة والتراخي في تربية الماشية. ثم بالإضافة إلى هذا كله، سنشلّ مصادر الإنتاج، ونعطلها بأساليب هي غاية الفن والبراعة، وذلك يجعل العامل يعتاد المشاكسة والحُرُون، وأساليب الفوضوية، وركوب الرأس، فيمسي يتخبط في حاله كيفما اتفق له، وسنشيع وسائل الإدمان على الخمرة، وهذه التدابير مجتمعة تسير قافلة واحدة متساندة، موالية السير قُدُماً نحو غاية كبيرة، وهي ملاشاة العناصر المتعلمة من الغوييم، من على وجه الأرض.

وخشية أن يدري الغوييم بهذا فيجفل قبل نفاذ الخطة بتمامها، وقبل حلول اليوم الموقوت، فإننا سنفرغ هذا كله في قالب المصلحة، الخادعة في المظهر، بدعوى الرغبة الحارة في خدمة الطبقات العاملة، والمبادئ الصحيحة للاقتصاد السياسي، مما تكون نظرياتنا الاقتصادية قد قامت بالتمهيد له على يد أجهزة دعايتنا، على نطاق أخّاذ، واسع.

البروتوكول السابع


الغاية من توسيع باب التسلح – الهزَّات العنيفة، والانشقاق، والأحقاد في جميع أنحاء العالم – كبح جماح الغوييم في المعارضة التي يقوم بها – الحرب تُشَن عليه حربا محصورةً أو عالميةً شاملة – الكتمان سبب نجاح السياسة – الصحف والرأي العام – مدافع أمريكا والصين واليابان

التسابق في التسلح يسابقاً ضخماً، وزيادة القوات الدفاعية في العالم، كل هذا ضروريّ فإنه يساعد في تنجيز خططنا هذه. ولكن هدفاً كبيراً من أهدافنا يجب أن نعنى بتحقيقه بصورة خاصة، وهو محو جميع الطبقات في جميع دول العالم دون استثناء، إلا طبقة الصعاليك لا غير، مع بضعة مليونيرية موجَّهِين إلى خدمة مصالحنا وشرطتنا وجندنا.

وفي أوروبا كلها، لما في غير بلاد أيضاً، علينا أن نخلق الهزات العنيفة، والانشقاقات، وإثارة الضغائن الأحقاد، عن طريق شبكة الصلات المحبوكة في أوروبا. فنغنم مغنمَين، الأول: إبقاء البلدان مكبلة مقيدة، لا تقوى على شيء تأتيه كما تريد، إذ كل دولة تعلم حق العلم أننا نحن الذين بيدهم تصريف الأمور، قبضاً وبسطاً، وبيدنا أسباب تأريث نار الحرب أو إخمادها. ولا يغيب عن أي من الدول أن ترى بحكم العادة أن لنا القوة المبسوطة اليد في إيقاع الإكراه الذي نريد، وأنف الجميع راغم. والمغنم الآخر، أننا سنمدُّ بسنانير المكايد الخفية إلى المجالس الوزارية في كل بلد، فتعلق بها الخيوط متضاربةً متعقدة، وما تلك السنانير إلا المعاهدات الاقتصادية وقيود القروض المالية. ولكي نضمن لنا النجاح في هذا، ففي أثناء المفاوضات التي يجب أن نكون جدّ حاذقين، وأهلَ دهاء وحيلة، حتى تنفذ إلى صميم الأغراض المتوخاة، وأما فيما يتألف منه المظهر الخارجي الرسمي، فموقفنا ينبغي أن يكون على العكس من ذلك: كلاماً معسولاً، متقنعاً بقناع الأمانة، وشرف المعاملة، مع حسن المسايرة، والملاطفة والاستجابة. وبهذه الأساليب ستظل شعوب الغوييم وحكوماتهم، وقد عودناهم الاكتفاء من الأشياء بمظاهرها الخارجية، راضيةً بنا ومسلّمةً بأننا نحن ما جئنا إلا لخير الجنس البشري وخلاصه.

وعلينا أن نكون في موضع يمكننا من تناول أيّ عملٍ من أعمال المعارضة وذلك بإبقاء الحرب بين البلاد المعارضة لنا وجاراتها. وفي حال قيامهن جميعاً في وجهنا يداً واحدة، فحينئذ لا سبيل إلا أن نستوقد حرباً عالمية كاسحة.

والعامل الرئيسي في نجاح خططنا السياسية، هو كتمان المساعي والمشروعات، والقاعدة: أن السياسي ليس شرطاً فيه أن تتفق أقواله مع أفعاله. ويجب إرغام حكومات الغوييم على انتهاج الحطة التي نشير بها نحن، في برامجنا المدروسة على أوسع نطاق وأبعده، وهي البرامج التي أخذت الآن تقترب من الخاتمة. وطريقة حمل تلك الحكومات على ما نريد، هو التيار الذي يقال له الرأي العام وفي يدنا الخفية زمامه ومقادته، نحرّكه بالقوة الكبرى - الصحف، والصحف، ما عدا قليلاً منها، مطواعةٌ لنا مستجيبةٌ لما نشير به.

وموجز الكلام، من ناحية صفوة خططنا لإبقاء حكومات غوييم أوروبا تحت كابحٍ منا يأخذ على أيديهن، أننا نظهر مجالي قوتنا لفريق منهم، بوسائل الإرهاب الذي يتناولهن جميعاً، إذ رأينا احتمال وثبتهن علينا متفقات، فنجيبهن يومئذٍ بمدافع أمريكا والصين واليابان.

البروتوكول الثامن


استعمال الحقوق القانونية استعمالاً غامضاً للتضليل – الأعوان الذين يُختارون من المركز الصهيوني – المدارس والتخرج العلمي الفائق المستوى – رجال الاقتصاد والمليونيرية – إلى من سيعهد بالمناصب الكبيرة الحساسة في حكومتنا؟ – مجازاة عملائنا من الغوييم بالقتل إذا خالفوا تعليماتنا

السلاح الذي يحتمل أن يستعمله أعداؤنا في وجهنا يجب أن نستعمله نحن، وعلينا أن نحاول بألطف مقال، وأنعم كلام، وأرفع طراز في تلفيق الفتاوي القانونية، تسويغ أحكام القضايا التي تبدو خارقة العادة، جريئة، ظالمة، إذ من الخطورة بمكان أن نجعل هذه الأحكام تتشح أروع صور العدالة، ونطرحها أمام الناس نماذج من المثل الأخلاقية، كأنها أفضل ما يستطاع استمداده من مادة القضاء. وعلى جهازنا الإداري الموجَّه، أن يحيط خبرةً، بجميع القوى التي تدخل في نسيج المدنية، القوى التي يعمل هذا الجهاز في وسطها: قوى حملة الأقلام، والفقهاء المتمرسين، والإداريين من الرتبة العليا، والساسة، وأخيراً الأشخاص الذين كَمَل تخرّجهم تخرجاً خاصاً، ودربوا تدريباً علمياً فائق المستوى في مدارسنا المعدة لهذه الغاية. هؤلاء الأشخاص لن يفوتهم بحالٍ أن يلاحظوا الأسرار في تركيب المجتمع، وفقه لغة السياسة على اختلاف أساليبها، وكل ما يندرج تحت الأبجدية السياسية ويجري من ألفاظها. وهم بعد، قد ازدادوا اطلاعاً على الخفايا والغوامض من الطبيعة البشرية، ومواطن الأنسجة للحس المرهف المستتر، وهذه الأنسجة إنما هي القالب الذي أفرغ فيه ذهن الغوييم، وهي مجلس نزعاته، ونواقصه، ورذائله وفضائله، وما تجد هنا مختزناً من صور مفصلة للطبقات والأوضاع. وإني بغنى عن القول، أن الأعوان من ذوي المواهب الذين يختارون ليقوموا بمناصب مساعدين في الإدارة، لن يؤخذوا من عناصر الغوييم، الذين أتناولهم هنا، واعتادوا أنهم إذا قاموا بعمل إداري وأنفذوه، فإنما يقومون به دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التفكير فيما يراد به، أو ما عسى أن تكون الحاجة التي اقتضته. فالمختارون من الغوييم للإدارة، يكفيهم أن يرقّعوا الأوراق ولا حاجة بهم إلى التمعن فيها، وهم في الخدمة لأحد غرضين: إمّا ابتغاء الأجرة أو المرتب، وإما اشتهاءً لقضاء المطمح القاصر في نفوسهم.

ثم إننا سنمد أجهزة حكومتنا بعالم فيّاض من رجال الاقتصاد، ولنتذكر أنه من أجل هذه الغاية، جُعِل تدريس العلوم الاقتصادية في مدارسنا أهم مطلب يتعين على اليهود تحصيله بتمامه وكماله. وسنحيط دولتنا برهطٍ إثر رهط من رجال المصارف، والصناعيين، والمتمولين، وواسطة عقد هؤلاء هم أصحاب الملايين، إذ في الواقع سيكون مردُّ كل شيء إلى صعيد الأرقام، وهذه في جميع الأحوال والقضايا هي الفيصل الأخير، فلا حكم بعد حكمها.

والذين يُختارون للمناصب ذات المسؤولية في حكومتنا من إخواننا اليهود، ويحتاج أمرهم في البداية إلى فترة إطلاع على مجاري العمل قبل أن يعهد إليهم في ذلك، فإنهم سيوضعون في خلال هذه الفترة في عهدة أشخاص (من الغوييم) مؤقتاً، غير أن هؤلاء الأشخاص هم من الذين اشتدت شبهات الناس (الغوييم) بهم، حتى قام بينهم وبين جماعتهم برزخ من الريب، فإذا ما تقاعسوا عن تنفيذ التعليمات التي تصدر إليهم، فهم إمَّا سيلقون الجزاء والعقاب متَّهَمين، وإما سيغيبون عن الوجود بالمرة. وإنما نضعهم هذا الوضع لكي نحملهم على خدمة مصالحنا، حتى النفس الأخير من حياتهم.

البروتوكول التاسع


تطبيق المبادئ الماسونية في مادة التعليم الذي نعلمه للشعوب – الشعارات الماسونية – معنى "اللاسامية" – الدكتاتورية الماسونية – الإرهاب والرعب – من هم خدَّام الماسونية – معنى القوة المبصرة والقوة العمياء في دول الغوييم – الاتصال المباشر بين السلطة والدهماء – إباحات الليبرالية – القبض على زمام التعليم والتدريب – النظريات الكاذبة – تفسير القوانين – الحركات السرية والأوكار الخفية

في تطبيق مبادئنا، علينا أن ننتبه إلى الشعب الذي تقيمون بين ظهرانيه وتعملون في بلاده، وهذا الانتباه يتعلق بأخلاق ذلك الشعب، فإننا إذا أخذنا بتطبيق مبادئنا عليه تطبيقاً ظاهرياً عاماً، وعلى نسق متماثل دون تمييز، وجرينا على هذه الوتيرة إلى أن نكون قد عدَّلنا وأصلحنا مادة التعليم لذلك الشعب تعليماً ينطبق على أهدافنا ومنوالنا، فعلى هذا الوجه لا مطمع لنا في إدراك النجاح. لكن إذا أخذنا نرعى التطبيق بيقظة واحتراس، فلن يمضي على ذلك أكثر من عقد من السنين حتى يكون طور ذلك الشعب قد تغير حتى في أصلب ما يعرف عنه من خلق العناد والمشاكسة، وبذلك نضيف شعباً جديداً إلى صفوف الذين قد تمّ لنا اقتيادهم وإخضاعهم لنا.

وإن كلمات ليبرالية وما يشتق من معانيها، الكلمات التي هي في الواقع من شعاراتنا الماسونية، كالحرية والعدالة والمساواة، سنبدلها عندما نقيم مملكتنا، إلى كلمات لا تحمل هذا المعنى الشعاري بعد ذلك، وإنما يغدو معناها الوحيد مجرد الدلالة على صور مثالية، فالأولى تصبح حق الحرية والثانية واجب العدالة، والثالثة حمال المساواة، ويقاس على هذا سائر التعديل وبهذا نمسك الثور من قرنيه.

ومن الوجهة الواقعية، فإننا قد وُفقنا إلى الآن في محو كل نوع من أنواع العهود الحاكمة، إلا عهدنا، مع أن من الوجهة القانونية لا يزال هناك عهود حكم قائمة بالصورة والشكل فقط، وهذا أمره بيدنا نتصرف به على ما نرى، ونصدر فيه تعليماتنا، وذلك لأن اللاساميّة لا نراها إلا ضرورية لنا للاستفادة منها في رعاية إخواننا المستضعفين. ولا حاجة بي أن أتوسع في هذه القضية أكثر من هذا الحد، لأن موضوعها قد أشبع بحثاً وكرر ذلك فيما بيننا على ما فيه الكفاية.

وأما نشاطنا، فلا شيء يحدُّ من اتساع نطاقه. وأما حكومتنا العليا، فكائنة في أوضاع فوق الأوضاع القانونية الراهنة، وأوضاعنا هذه هي الموصوفة في المصطلحات الجارية بمعنى الطاقة المنبعثة والقوة الماضية - أعني الدكتاتورية. وبوسعي أن أعلمكم بكل نقاوة ضمير أننا، ونحن الذين يوحون بالتشريع ومنا مصادره، سنتولى بأيدينا، حينما يحين الوقت، تنفيذ الأقضية والأحكام، فنذبح من نذبح، ونعفو عمن نعفو، ونحن ذوو القيادة على أصهوة جواد الأمير القائد. إننا سنحكم بالقوة. لأن بيدنا بقايا حزب من الأحزاب، كانت له الصولة والسطوة فيما مضى، فأبدناه فاندرج في الماضين. وأما الأسلحة التي في أيدينا فهي مطامح لا حدود لها، وجشعٌ آكلٌ، كاوٍِ، وحبُّ انتقامٍ لا يعرف الرحمة، وضغائن وأحقاد.

ومنا قد انطلقت تيارات الرعب الذي دارت دوائره بالناس. وفي خدمتنا أشخاص شتى ينتمون إلى جميع المذاهب الفكرية، ومختلف التعاليم؛ منهم المطالبون بالعروش، واسترداد الملكيات، وزعماء السواد والعامة، والاشتراكيون، والشيوعيون، وحَمَلة الأحلام الطوباوية من كل حزب. وقد قرنّا هؤلاء جميعاً إلى نير العمل في سبيلنا. وجعلنا كلاً منهم، وحبله على الغارب، يثقب ما بقي من جدران السلطات، ويجهد طاقته ليدكّ قوائم الأنظمة القائمة على اختلاف صورها. فأمست جميع الدول بسبب هذا في عذاب ووبال. تبذل النصيحة من أعماق نفسها طلباً للسلامة، وهي مستعدة لتضحي بكل عزيزٍ من أجل الحصول على الأمان والسكينة. وإننا لن نعطيها ما تطلب من سلامة وأمان، قبل أن تعترف جهاراً، وفي وضح النهار، بحكومتنا العالمية العليا، وأن تفعل هذا مستسلمةً صاغرة.

ولقد اشتد صياح الشعب بالولولة والإعوال، طالباً بحكم الضرورة تسوية المسألة الاشتراكية بطريق التفاهم والاتفاق الدولي. والعامل والمهماز في هذا هو الانقسام والانشقاق إلى أحزاب صغيرة مؤلفة من فئات ضئيلة، فَدفَعت هذه الحالة بالشعوب إلينا، فغدا المُضِيّ بالعراك بعد ذلك، وكلٌ يشدُّ الحبل إلى جهته، في ميدان المكافحة، أمراً صعباً شاقاً بسبب الحاجة إلى المال، والمال كله قد استقر في أيدينا.

وقد يكون هناك من السبب، ما يحملنا على التخوف من اتحاد يقع بين القوة المبصرة التي لملوك الغوييم، الجالسين على العروش، وبين القوة العمياء التي للدهماء، ولكننا قد اتخذنا من لازم التدابير ما يكفي لمواجهة مثل هذا الاحتمال إذا لاح: فإننا قد نصبنا بين هاتين القوتين متراساً حاجزاً يرى فيه كل فريق الرعب والهول يأتيانه من قِبَلهِ. وبهذه الطريقة، تبقي القوة العمياء في جانبنا، نمدّها، ونحن وحدنا القادرون على هذا، بزعيم يتولّى أمرها؛ وهذا أمره بيدنا، فنرشده إلى الطريق التي يجب أن تسلك نحو هدفنا.

ولكي لا تستطيع يد القوة العمياء التفلت من سلطاننا عليها، فيجب من جهتنا بين وقت وآخر، أن نتصل بها اتصالاً مباشراً، وهذا إذا لم يكن على يد أشخاص (من الغوييم) فيكون على يد أحد إخواننا الذي هو عندنا ثقة خالصة. ومتى ما تم وانتهى الاعتراف بكوننا نحن السلطة الوحيدة، فحينئذ نتفاوض مع الشعب وجهاً لوجه، وباللسان علناً، وفي الساحة العامة، فنرشدهم في المسائل السياسية بطريقة تجعل اتجاههم هو هذا الاتجاه المراد.

ولعمري ما هي السبل التي نتمكن بها من مراقبة التعليم في مدارس القرى والأرياف ومعرفة ما يجري هناك؟ لا يصعب علينا ذلك إذ لا يمكن أن تخفى خافية، أو ليس أيُّ قولٍ ينطق به لسان الحكومة، أو حتى الملك نفسه جالساً على العرش، سرعان ما يذاع ويشاع في جميع الدولة ثم في الخارج لكثرة ما يلهج به الناس ويتناقلونه من مكان إلى مكان؟

وحتى لا تتلاشى مؤسسات الغوييم قبل حلول الوقت المضروب، فإننا قد أفرغنا عليها مسحةً من الأخوة الماسونية، ومظهراً يعطي الهيبة والكياسة وقبضنا على نوابض الأجهزة كما يقبض على جهاز آلي متحرك، وهذه النوابض نُعنى بضبطها، ووضعها الموضع المحكم، العناية كلها، وهى الآن تحل محلها الفوضى من الإباحات المنطلقة من الحرية اللبرالية. وإننا قد تدخَّلنا أوغل تدخل فيما يتعلق بإجراء القوانين وتطبيقها، كما تدخّلنا في إدارة الانتخابات العامة، وفي توجيه الصحف، وحرية الفرد، على أن تدخلنا الرئيسي وهو أصل من أصول خططنا، وهو في التعليم والتدريب، إذ هما حجر الزاوية في الوجود الحرّ.

وأما شباب الغوييم فقد فتنّاهم في عقولهم، ودوخنا رؤوسهم، وأفسدناهم بتربيتنا إياهم على المبادئ والنظريات التي نعلم أنها فاسدة، مع أننا نحن الذين لقَّنَّاهم ما تربوا عليه.

وفوق أجهزة القوانين الجارية، ودون حاجة إلى أن نغير مادتها من حيث الأساس، قد استطعنا أن نقيم شيئاً تنبعث منه مجالي العظمة والجلال، وذلك بأننا لوينا القوانين فالتوت، وعقَّدناها فتعقدت، فأمست ركاماً من تفاسير متناقضة،فأدركنا المراد بالنتيجة: فنشأ عن ذلك أولاً أن تلك التفاسير والشروح لتناقضها قد ألبسَت معاني القوانين الغموض والإبهام، فانسدَّت الطرق على الطالبين، ثم بعد ذلك زاد شيء آخر، وهو أن القوانين نفسها قد عُمّى لبابها عن إفهام الحكومات لاستحالة التوفيق بين مختلف المقاصد، واستحكام حلقة المعضلات، حتى أمست القوانين مشتبكاً كبيت العنكبوت.

وإنما هنا يكمن أصل نظرية التحكيم.

قد تقولون أن الغوييم سيهبُّ في وجهنا وبيده السلاح، إذا ما اشتم رائحة ما يجري في الخفاء إلى نهايته التي لم يحن وقتها بعد. وأجيب على هذا بأننا قد أعددنا في الغرب (أوروبا) مناورة مذهلة تتزلزل منها أقوى الأفئدة وتصطكّ الركب: الحركات السرية المدمرة، والأوكار والأعشاش الخفية، والدهاليز السوداء، وكل هذا سيكون مهيئا لينفجر معاً في العواصم والحواضر فيذرو في الريح كل شيء من مؤسسات وسجلات.

البروتوكول العاشر


المظهر الخارجي للمسرح السياسي – عبقرية "أولاد الحرام" – ما هي وعود الانقلاب الماسوني – حق الانتخاب العام – الاعتداد بالنفس – زعماء الماسونية – العباقرة الذين هم قادة الماسونية – المؤسسات في الدولة ووظائفها – سموم الليبرالية – الدستور مدرسة الانشقاقات الحزبية – عصر الجمهوريات الدستورية – رؤساء الجمهوريات مطايا الماسونية – مسؤوليات الرؤساء – استغلال الفضائح كفضيحة بناما – الدور الذي يمثله على المسرح كل من النواب والرئيس – الماسونية هي القوة الاشتراعية – دستور الجمهورية الجديد – دور الانتقال إلى الماسونية في سلطتها المستبدة – حول اليوم الذي يعلن فيه "ملك العالم" – نشر جراثيم الأمراض وغير ذلك من قبائح الماسونية

ابتدئ كلامي اليوم بتكرار خلاصة ما قلته سابقاً، وأرجو منكم أن تعوا في أذهانكم أن الحكومات والشعوب إنما تقفان في تحليل المسائل السياسية عند الظواهر لا تتعداها. وكيف يقوى الغوييم على النفاذ إلى بواطن الأمور، ولا همّ لمثليهم إلا التسكع وراء المُتَع والملذات؟ وهذا الإيضاح الذي أبينه الآن، تقتضي مصلحتنا الانتباه له، لما في ذلك من الفائدة لنا عندما نضع في الميزان ما يتعلق بتوزيع السلطة، وحرية الرأي، وحرية الصحافة، والمعتقد الديني، وقانون الجمعيات، والمساواة أمام القانون، وحرمة المال والمقتنيات، والمساكن، وما يتعلق بالضرائب (غير المباشرة)، وما تحدثه القوانين من قوة رد فعل في المجتمع. فهذه المسائل هي من الخطورة والدقة بحيث لا تطرح على بساط البحث علناً، وعلى مسمع ومرأى من الشعب. فإذا استدعت الضرورة شيئاً من هذا، ولا مناص، فيقتصر على ذلك الشيء مجملاً، ولا يسمى بالصراحة أو يعين تعييناً، ويجتنب التفصيل، ويكتفى بالقول المقتضب أننا نعترف بهذه القوانين الجارية. والسبب في ما ينبغي أن نتخذه من مجانبة وصمت، هو أننا بعدم تسميتنا المبدأ أو القاعدة على وجه التحديد الذي ينفي كل شبهة، تبقى لنا حرية التصرف والعمل، فنسقط هذا الأمر أو نعيده، نقرّه أو نثبته، تبعاً لما يتراءى لنا، دون أن يكون من وراء ذلك ما يوقظ الانتباه. وعلى العكس من هذا، إذا ذهبنا إلى التعيين والتحديد، فكأننا قد طرحنا المسألة للنقاش، وهذا ما نحاذر.

ومن عادة الدهماء، أن يستهويهم العباقرة الممثلون للقوة السياسية، وما يأتيه هؤلاء من أفعال البأس والإقدام والجرأة، فيقول الدهماء في الثناء على تلك الأفعال والإعجاب بها: هذا عمل لا يعمله إلا الوغد ابن الحرام ولكنه حقاً عمل رائع مدهش! أجل، إنه حيلة وخديعة، ولكنه بغاية البراعة والدهاء!

ومما نعتمد عليه، أن نجتذب انتباه الأمم إلى العمل الذي نقوم به من بنائنا الهيكل الأساسي للنظام الجديد، وهو ما وضعنا نحن خططه. وهذا هو السبب في أنه من الضروري لنا قبل كل شيء، أن نسلح نفوسنا وندّخر في قلوبنا تلك الروح البطاشة التي لا تعرف الخوف ولا تهاب العواقب، وتكتسح في طريقها كل عقبة - روح الفاتك الغشوم، الروح التي تعتلج في صدور العاملين الفعالين من رجالنا. ومتى ما أنجزنا الانقلاب، قلنا للشعوب المختلفة: "إن الزمان قد ساء بكم، فاختلت أموركم وانهارت، وعمَّ الشقاء أحوالكم وملأ آفاقكم، ففسد الذي بين أيديكم، وما نحن هنا إلا من أجل خيركم وملاشاة الأسباب التي جرَّت عليكم كل هذا العذاب - التمسك بزهو القوميات، وقضايا الحدود الإقليمية، وما لكل دولة من نقدٍ مضروب لا يعدو حيزها، وأنتم في الخيار، والحالة هذه، أن تحكموا حكماً مؤيِّداً لنا، أو جارحاً لما أتينا من انقلاب، لكن أيكون الحكم عادلاً منصفاً، إذا أجريتموه علينا قبل أن تفحصوا، وتَصدقكم التجربة لما نحن مقدّمون إليكم؟ فإذا ما فعلنا هذا وقلناه على هذه الصفة، فالدهماء يأخذهم الاغترار بنا، فتثني علينا وترفعنا على الأكتاف بالإجماع رفع المنتصر الظافر، وكلهم أمل ورجاء. وبهذا تتجلى الفوائد المتوخاة من الحيلة التي أدخلناها عليهم وهي الاقتراع، التصويت، أو حق الانتخاب، إذ نكون قد جعلنا من هذه الوسيلة الفاتنة ما يكفل لنا الوصول إلى صولجان العالم، بعد أن تغلغلت فتنة التصويت في كل مكان، وأصابت كل فئة من البشر، مهماً تكن هذه الفئة ضئيلة الشأن، وسادت في الاجتماعات والهيئات عند كل فريق، وأعطت الآن ثمراتها للمرة الأخيرة، إذ يجمع الناس على أن يعرفونا قبل أن يحكموا علينا: ولكي تَسلم هذه الثمرات كما نشتهي، علينا أن نعمِّم حق التصويت ونجعله شاملاً بلا فارق في الطبقة أو الأهلية، ليكون لنا من ذلك الكثرة الكاسحة المطلقة، مما لا نناله من الطبقة المتعلمة من أرباب الأملاك. وإننا بإشرابنا الجمهور كله نزعة الاعتداد بالنفس، وتلقيحه بهذا اللقاح، نكون قد فككنا رابطة الأسرة، وأذبنا ما لها من قِيَمٍ ثقافية، وأزحنا من الطريق الأفراد الذين يُحتمل لِما لهم من عقل أن ينشقُّوا عن الجماعة المذعنة ويذهبوا طريقاً مخالفاً لنا، وإذا ما عنّ لهم أن يفعلوا مثل هذا، فالدهماء الذين أصبحوا في جهتنا يقومون على الأفراد المنشقّين ويخرسونهم. فالدهماء حقاً اعتادوا أن يصغوا لنا وحدنا، لأننا نكافئهم على الطاعة والإصغاء. بهذه الطريقة نخلق قوةً طائشةً عمياء عنيفة، وهي على وضع لا تتمكن معه من إتيان أية حركة في أي اتجاه دون إرشاد عملائنا الذين أقعدناهم مقعد الرياسة، وهم من الدهماء، وأمسى أمرهم بيدنا، ثم إن الشعب لن يتوانى في الاستكانة إلى هذا العهد، لأنه يعلم أن تحصيل قوته والوصول إلى مطالبه ومنافعه، كل ذلك يكون موقوفاً على اتّباع قادته هؤلاء المنصوبين عليه.

وأما مشروع إنشاء الحكومة، فينبغي أن ينفرد بوضعه دماغ واحد منا, لأن هذا الأمر إذا تولاه عدة نفر، اختلف الرأي ووقع التنابذ، وجاءت الحكومة ولا نصيب لها من التماسك. فعلينا أن ندقق في هذا المشروع من ناحيته العملية، لكن لا يجوز بحال علاجه بالمناقشة العلنية، كي لا يفسد ما فيه من مزايا الضبط والإحكام، وتُسلب منه خاصية التماسك والترابط وما تضمنته كل فقرة من المقاصد التي أرسلناها غامضة. فإذا أبحنا للدهماء نقاش المشروع، واقترحوا التغيير والتبديل، بطريق التصويت، فكأننا أبحنا لهم أن يذهبوا في ذلك مذاهب متضاربةً لا تقف عند حدّ، وتتصادم أقوالهم وآراؤهم إلى ما فيهم من سوء فهم، وهم بعد ذلك أقصر مدىً فكرياً من أن يكتنهوا خفاياه فيجب علينا ألاّ يطرح بنتاج عبقرية رجالنا إلى أنياب من ينهشها، حتى ولا إلى النفر المتزعم من الدهماء. وهذه المشروعات الانقلابية لا تكون حتى الآن قادرة على قلب الأنظمة القائمة، رأساً على عقب. قصارى ما تستطيع أن تبلغه أنها تُحدث تغييراً في المجال الاقتصادي، وبحكم النتائج كلها جملة واحدة، يقع تبديلٌ كذلك في مجرى حركة التقدم والتطور، ينسجم واتجاهنا المخطط.

وفي جميع البلدان نرى شيئاً واحداً، اختلفت أسماؤه واتحد معناه: التمثيل النيابي، مجلس النواب، والوزارة، مجلس الشيوخ، مجلس الشورى الأعلى، السلطة الاشتراعية، السلطة التنفيذية وأمثال ذلك. ولا حاجة بي أن أوضح لكم ما بين هذه ال

بـورتوكولات حكماء صهيون مش كامل


http://forums.myegy.com/showthread.php?t=33900

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق